وحفظ الله عز وجل: أن تحفظ حدوده وحقوقه وأوامره ونواهيه، وجزاء هذا الحفظ الحفظ من الله عز وجل وهو على نوعين: أن يحفظ الله عز وجل جوارحه، وأن يحفظ ماله وأولاده، ونوع آخر وهو أعظم من هذا الحفظ وهو أن يحفظ الله عز وجل على العبد دينه، ويحول بينه وبين المعصية التي تجره إلى النار، فحفظ الله عز وجل للعبد نوعان: النوع الأول: أن يحفظ بدنه، كما وثب أحد العلماء وثبةً شديدة، فأنكر عليه لكبر سنه، فقال: هذه جوارح حفظناها في الصغر، فحفظها الله عز وجل علينا في الكبر.
فالعبد إذا حفظ جوارحه من معصية الله عز وجل؛ فإن الله عز وجل يبارك له في صحته وفي جوارحه، ويمتعه بسمعه وبصره وقوته، ويحفظ أولاده، كما قال عز وجل: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف:82].
وكان أحد العلماء يقول لابنه: لأزيدن في صلاتي رجاء أن أُحفظ فيك، ويتلو قوله عز وجل: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف:82].
أما الحفظ الثاني: فهو أن يحفظ الله عز وجل دينه، كما قال عز وجل في حق يوسف عليه السلام: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24]، فالله عز وجل يصرف عن عبده السوء والفحشاء، ويحول بينه وبين المعصية التي تجره إلى النار، كما في بعض الآثار بأن العبد يتهيأ للإمارة أو للوزارة أو للتجارة، والله عز وجل ينظر إليه فيقول لملائكته: اصرفوه عنها، فإني إن يسرتها له أدخلته النار، فيظل العبد يتبرم، وما هو إلا فضل الله عز وجل، فالله تعالى أدرى بما يصلح للعباد، كما في الحديث القدسي: (إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، وإني إن أسقمته أفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا المرض، وإني إن أصححته أفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغنى، وإني إن أفقرته أفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، وإني إن بسطت له أفسده ذلك، إني أدبر أمر عبادي بعلمي بما في قلوبهم، إني عليم خبير).