ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح.
شبه قلوبهم الضعيفة الخالية من العلم النافع بالغصن الرطيب الأخضر، الذي كل ما أتت ريح مال معها، إذا أتت ريح من الشمال مال معها، أو من الشرق مال معها، يميلون مع كل ريح، ثم بين سبب حالهم هذا، فقال: لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق.
فالجاهل مثل الأعمى، والإنسان إما أن يكون له بصر يبصر به الطريق وما فيه من عقبات، وإما أن يكون أعمى فيمسك بيد بصير.
أما إذا كان هو فاقداً للبصر، ولا يمسك بيد بصير فالسلامة نادرة.
وقوله: لم يستضيئوا بنور العلم، ليس عندهم بصيرة العلم النافع، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق، أي: إلى عالم يهتدون بعلمه.
ثم قال: العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، العلم يزكو على الإنفاق، والمال تنقصه النفقة.
فالعلم إذا أنفق العبد منه وإذا علمه فإنه يزداد ويثبت في قلب معلمه، فزكاة العلم أمران: العمل به كما قال بعضهم: يهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:69].
ورد في تفسير هذه الآية الكريمة، أنه من عمل بما علم أورثه الله عز وجل علم جليلاً، الإنسان إذا تعلم مسألة فعمل بها، فالله تعالى يفتح عليه بمسألة جديدة، فالعلم يزكو بالعمل به، ويزكو كذلك بتعليمه.