وقوله: (وأسألك قلباً سليماً) كما مدح الله عز وجل إبراهيم عليه السلام فقال: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات:84] أي: سليم من الشرك، سليم من البدع، سليم من الشهوات ومن الشبهات، سلم مما سوى الله عز وجل، وسلم من محبة غير الله عز وجل، فهو منقاد لما يحبه الله عز وجل ويرضاه، فلا يدخل أحد الجنة إلا من أتى الله بقلب سليم، كما قال عز وجل: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88 - 89].
وقوله: (ولساناً صادقاً) كما نصح النبي صلى الله عليه وسلم بالصدق وقال: (فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار) وإذا ملك العبد قلباً سليماً ولساناً صادقاً فهذا هو المسلم الذي سلم المسلمون من لسانه ويده.
والكذب أصل النفاق، ولذلك عندما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صفات المنافقين قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب) فبدأ بصفة الكذب؛ لأنه كاذب في ادعائه الإيمان، كاذب في إظهار أن في قلبه إيماناً، وكاذب في عمله وفي أقواله.
فالكذب أصل النفاق.
وقوله: (وأسألك قلباً سليماً ولساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم) كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الدعاء الذي يجمع كثيراً من الخير، كما قال: (اللهم إني أسألك فواتح الخير وخواتمه) فكان يسأل الله عز وجل فواتح الخير وخواتمه، فيسأل الله عز وجل من خير ما يعلم، لأن ما يعلمه الله عز وجل أكبر مما يعلمه العبد، فأنت قد تعلم أشياء وتظن أنها من الخير، والله عز وجل يعلم أن الخير أكثر من ذلك.
فهذه الوصية الجامعة من عمل بها واستقام عليها عاش حياة الرضا وحياة الإيمان، وعاش حياة طيبة ينقلب منها إلى سعادة أبدية سرمدية، بخلاف من يكنز الذهب والفضة، فمن كنز هذه الكلمات نجا في الدنيا والآخرة، وسعد في الدنيا والآخرة.