قال صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) فالنصر مع الصبر، لذلك يقول الله عز وجل: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:65] فاشترط الصبر، ثم نسخ ذلك بقوله: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:66].
وقال: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران:120].
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:45 - 46] فالصبر من أعظم أسباب النصر.
قال صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب) كما قال بعضهم: إذا اشتد الكرب هان.
وفي ذلك لطيفة وهي: أن العبد إذا أصيب ببلاء فإنه قد يعلق قلبه بغير الله ويرجو من فلان أن يدفع عنه هذا الضر، وأن يكشف عنه هذا الكرب فيزداد عليه الكرب، فيعلق قلبه بمخلوق آخر يرجو من جهته أن يرفع الضر، وأن يكشف الكرب، فيزداد الكرب، حتى إذا ازداد الكرب جداً عند ذلك ييأس العبد من الخلق ويعلق قلبه بالخالق عز وجل، فعند ذلك يكشف الله عز وجل الكرب.
فإذا كان المشركون إذا ركبوا البحر وأتت ريح عاصفة وكادوا يهلكون يخلصون الدعاء لله عز وجل والعبادة لله عز وجل فينجيهم الله عز وجل، فكيف لا يحدث ذلك للمؤمن؟ فالعبد إذا اشتد به الكرب وأيقن الهلاك لا شك أنه ييأس من المخلوقين ويعلق قلبه بالله عز وجل، فإذا علق قلبه بالله عز وجل أتى الفرج، وكشف الله عز وجل الكرب.