وقد يقول قائل: هل العبد الذي لم يقبر كأن تتفرق أجزاؤه بحريق أو غرق أو يأكله السبع أو يُعلّق في مهاب الريح ينال من عذاب القبر؟
صلى الله عليه وسلم إن عذاب القبر -عباد الله- يلحق كل من استحق هذا العذاب سواء قُبر أو لم يُقبر، والله عز وجل قادر على أن يوصّل روح الكافر بذرات الجسد وإن تباعدت أجزاؤه، وأن ينال الجسد ما ينال الروح من العذاب، فالله عز وجل يجعل لروح المؤمن أو لروح الكافر اتصالاً بالذرات وإن تفرقت، وكان الصحابة يسمعون تسبيح الطعام بين أيديهم، وسمع الصحابة رضي الله عنهم حنين الجذع اليابس للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال عز وجل: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء:44] وكان حجر يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل أن يُبعث، وكلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: السلام عليك يا رسول الله! فإذا كانت الجمادات فيها إدراك وتسبح بحمد الله عز وجل وقد سمع حنين الجذع وتسبيح الطائر فكيف بالجسد الذي كان يوماً شيئاً مذكوراً حياً متحركاً مريداً؟ كيف لا يذوق في القبر نعيماً أو عذاباً؟ وكيف لا يتنعم المؤمن في قبره؟ ولا يتعذب الكافر والفاجر في قبره؟