إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستعديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
مع قدوم الإجازة الصيفية عباد الله لنا نصيحتان لإخواننا من الشباب ولعموم الناس.
النصيحة الأولى: أن نحرص على الأوقات، وألا نضيعها في غير الطاعات، فإن عمر العبد رأس ماله، وإن من أعظم نعم الله عز وجل علينا نعمة العمر، ونعمة الوقت، ونعمة الليل والنهار، ونعمة الأنفاس، كما قال عز وجل: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:33 - 34]، وقال عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان:62].
قال بعض السلف: من فاتته طاعة الله عز وجل في الليل كان له من أول النهار مستعتب، ومن فاتته طاعة الله عز وجل بالنهار كان له من أول الليل مستعتب.
فينبغي علينا -عباد الله- أن نعرف قيمة الوقت والنفَس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، والمغبون الذي باع شيئاً بأقل من ثمنه، أو اشترى شيئاً بأكثر من ثمنه، ويوم التغابن هو يوم القيامة؛ لكثرة المغبونين فيه، فأكثر الناس لا يعرفون نعمة الوقت والزمن والأنفاس، فلا يعمروا ذلك بطاعة الله عز وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه).
فينبغي علينا -عباد الله- أن نعرف شرف الوقت وشرف النفَس، فمن علامة المقت أضاعت الوقت، وعلامة التوفيق أن تكون أنفاس العبد في طاعة الله عز وجل، وأن تكون أوقاته معمورة بطاعة الله عز وجل، قال الشافعي: صحبت الصوفية فما استفدت منهم إلا حرفين: الحرف الأول: الوقت كالسيف فإن لم تقطعه قطعك، والحرف الثاني: النفس إن لم تشعلها بالحق شغلتك بالباطل.
وهذا كلام يكتب بماء الذهب، فالوقت كالسيف إن لم تقطعه بطاعة الله عز وجل قطعك أي: أنفقته في غير طاعة الله عز وجل، فكان هلاكك في ذلك، والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فالذي لا يكون مشغولاً بالدعوة إلى الله عز وجل أو بطاعة الله عز وجل، فإن نفسه ستشغله بمعصية الله عز وجل، فتضيع عليه حياته في غير طاعة الله عز وجل فيهلك ولابد.