أما ترجمة إمام الأئمة والأعلام: الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري صاحب كتاب الصحيح وهو أصح كتب السنة بعد صحيح الإمام البخاري، وقد جعل الله عز وجل لهما من القبول في قلوب الخلق ما الله عز وجل به عليم.
فلا يجهل أحد من المسلمين مكانة البخاري ومسلم، وكما قال شيخنا الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم: إن هؤلاء الأعلام ما ارتفعوا في الأمة بكثرة علمهم، وإنما ببركة إخلاصهم وتقواهم لله عز وجل.
فلقد كان في الأمة الكثير من الأعلام، وكان الكثير من الحفاظ يتواجدون في خراسان أو نيسابور، وكانوا أئمة في الفقه أو الحديث أو التفسير ولكن لم يرتفع شأنهم كما ارتفع شأن البخاري ومسلم.
بل إن الكثير من علماء نيسابور أرادوا أن يحذوا حذو الإمام مسلم، وألفوا المسانيد أو الجوامع على غرار تأليف الإمام مسلم، ولكن لم يكتب لها من القبول ما كتب لصحيح الإمام مسلم.
فهذا من بركة الإخلاص، وبركة التقوى والخشية، فلاشك أن هؤلاء العلماء كانوا على درجة من الإخلاص والتقوى وخشية الله عز وجل ومحبته جعلت لكتبهم هذا القبول، وجعلت لهؤلاء العلماء الأعلام المنزلة الرفيعة والذكر الحسن في الأمة.
فالإمام مسلم هو مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري.
وكنيته: أبو الحسين، الإمام الكبير، الحافظ المجود، الحجة الصادق.
مولده: قال الذهبي: ولد سنة أربع ومائتين.
والإمام البخاري أكبر من الإمام مسلم، فلقد ولد سنة أربعة وتسعين ومائة.
قال الذهبي عن الإمام مسلم: وما أظنه إلا ولد قبل ذلك.
صفته: قال الحاكم: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: رأيت شيخاً حسن الوجه والثياب، وعليه رداء حسن، وعمامة قد أرخاها بين كتفيه، فتقدم أصحاب السلطان فقالوا: قد أمر أمير المؤمنين أن يكون مسلم بن الحجاج إمام المسلمين، فقدموه في الجامع فكبر وصلى بالناس.
وقال الحاكم أيضاً: سمعت أبي يقول: رأيت مسلم بن الحجاج يحدث في خان محمس فكان تام القامة، أبيض الرأس واللحية، يرخي طرف عمامته بين كتفيه.
والعلماء عند ترجمتهم للأعلام يركزون على العلم، وعلى الضبط والإتقان، وعلى الشيوخ والتلاميذ، أما معرفة صفاته الخلقية فيكون فيه نوع من الأنس عندما نعرف صفة الشيخ، أو عالم من العلماء فنستحضر صفته وكأننا في صحبته.