عناية الله سبحانه بالعبد

وهناك عناية، فربما فتح لك باب العمل وأغلق عليك باب القبول والعياذ بالله، وربما أتاك الله بالذنب لتتوب، فكان سبباً للوصول.

فقد يأتي الخير من داخل الشر، والعبد لا يعلم خواتيم الأعمال كيف ستأتي، فلو افترضنا على سبيل المثال أن هناك رجلاً أميناً على خزينة في محل، ففي آخر اليوم يغلق الحساب ويقول: وجد في الخزينة في هذا اليوم سبعمائة جنيه، وصرف منها ثلاثمائة جنيه، فكان الباقي أربعمائة جنيه مثلاً، فيقيد ذلك عنده على أنه حساب يومي.

وقد يجلس مع صاحب العمل بعد أسبوع، فيقول: جمعنا في هذا الأسبوع أربعة آلاف جنيه، وصرفنا ألفين وخمسمائة جنيه، وبقي لك في الخزينة ألف وخمسمائة جنيه.

فالمسألة مسألة مقاصة، وحساب يومي، ومن ثم حساب أسبوعي، وهناك حساب شهري، وهناك حساب سنوي يسمى بالميزانية؛ ليعطي الضرائب نصيبها.

ومن الأمور العجيبة أن المسلمين يسألون العلماء كيف يدفعون زكاة أموالهم، فإذا قيل لأحد المسلمين: عليك مثلاً ألف جنيه زكاة، يقول: اجعلها ألفاً ومائة جنيه، أو ألفاً ومائتي جنيه، فالمزكي يزكي ويزيد.

ولكن إذا رأى الناس رجل الضرائب، أو مكتب محاسبة فإنهم يسألونه: كيف يتهرب أحدهم من الضرائب، ولكن لا يوجد أحد يحاول أن يتهرب من الزكاة بل تراه يدفع أكثر.

إذاً: من واجب الحكومة أن تراجع الحسابات، فتقول: ما الذي جعل الناس يرغبون في الدفع أكثر في الزكاة والضرائب يحاولون التهرب منها؟

صلى الله عليه وسلم لأن الناس يشعرون أن مال الزكاة يصل إلى مستحقيه، وأنه أمر من الله عز وجل، وأن زكاة المال إن زاد الواحد عن النصاب الذي كتب عليه إنما هو في ميزان حسناته، وأنه يثق أنه يوضع في مصارفه الطبيعية التي يرضاها رب العباد سبحانه.

وأما في مسألة الضرائب فهو لا يشعر بالمسألة هذه.

إذاً: فهذا هو الفرق بين قانون الله الذي ليس عليك رقيب فيه إلا يقينك وقلبك الناصع، وإيمانك الراسخ بالله، وبين قوانين الدنيا، فإنه لا يمكن لأحد أن يجعل على كل شخص مأمور ضرائب يقف فيحاسبه حساب الملكين.

ففي قوانين الدنيا يستطيع الإنسان أن يتهرب، ولكن في قوانين الآخرة وبالإيمان يدفع الإنسان أكثر مما يطلب منه.

إذاً: فالعبد في مسائل الآخرة يريد أن يقدم خيراً، وفي مسائل الدنيا يريد أن يتهرب منها؛ لأنه يخاف من الله، ومسألة الخوف من الله نوع من أنواع الحساب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015