إن الإنسان المسلم لا بد أن يرضى بما كتب له، فالعبد منذ أن كان جنيناً في بطن أمه كتب له أموراً أربعة: العمر أولاً، وسواء ينتهي العمر بسبب أو بغير سبب، فقد كتب الله الموت على كل إنسان.
الأمر الثاني: الرزق، فالعبد قد تكفل الله برزقه، والإيمان رزق، والزوجة رزق، ونعمة السكن رزق، والهدوء رزق، والعلم هذا من أكبر أنواع الرزق، فيجب على الإنسان أن يحمد رب العباد عليه، لكن الشيطان يعظم في وجه الإنسان مسألة الفقر، ومسألة الصلاة، ويزين له النوم، والله سبحانه يقول: {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة:168].
ومن رزق الله عليك أن يعطيك ولداً طائعاً يعرف ربه، وبنتاً مطيعةً تعرف ربها، وزوجة تصبر عليك وتعاملك بالتي هي أحسن، فكل هذه أنواع الرزق وهو مكتوب في الأزل، لكن هناك أناس يشترك أحدهم في عطاءات ومناقصة، ويجهد نفسه ويخسر، ويرجع متعباً وفي فمه سيجارة، ولا يريد امرأته أن تكلمه وهكذا، فهذا المسكين لو كان واعياً لعلم أن هذا الرزق ليس مكتوباً له، فيرضى بقضاء الله وإرادته، فأسباب الرزق بيد مسبب الرزق، والرزاق هو الله سبحانه وتعالى، فالعمر والرزق ليس فيهما نقاش.
يحكى أن الحسن البصري رأى رجلاً واضعاً كفه على خده وعليه علامات الهم، فسأله الحسن: مالك؟ فأشاح الرجل في وجه الحسن، فقال له: يا بني! هل يجري شيء في هذا الكون على غير مراد الله؟ قال له: لا، قال له: يا بني! هل يأتيك ملك الموت لينقص من عمرك؟ قال له: لا، قال: أو ينقص درهماً من رزقك؟ قال له: أبداً، قال: فعلام الحزن إذاً؟ فاعمل واطرق الأسباب، واترك الأمور لمقدر الأقدار عز وجل.
الأمر الثالث: السعادة أو الشقاوة، فإن الملك يكتب للجنين وهو في بطن أمه رزقه وعمله وأجله وشقي أم سعيد.
فقد يرسل الله إلى من رضي الله عنه في أواخر أيامه ملكاً يقومه ويرشده ويهديه، فيموت على خير حال، فيقول الناس: رحم الله فلاناً لقد مات على خير حال.
اللهم اجعلنا من أهل الرضا، واجعلنا من الذين رضيت عنهم ورضوا عنك، اللهم اجعلنا من الذين يرضون بكل شيء قدرته لهم يا رب العالمين.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل بيننا شقياً ولا محروماً.
واجعل أول يومنا هذا صلاحاً، وأوسطه نجاحاً، وآخره فلاحاً.
ولا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مسافراً إلا غانماً سالماً لأهله رددته.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم.