الوصية العاشرة والأخيرة في هذه المحاضرة وهي وصية في غاية الأهمية: رمضان أعظم فرصة للتوبة من ذنوب العام، حتى من ذنوب العمر، نعم، إنه فرصة لفتح صفحة جديدة مع الله عز وجل، فرصة لأن تجعل صفحتك يوم القيامة بيضاء نقية.
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر).
وأيضاً روى البخاري ومسلم حديثاً مبشراً جداً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، اللهم اغفر لنا ذنوبنا جميعاً.
فرصة أن تجلس مع نفسك تحصي أعمالك قبل أن تحصى عليك، تذكر أعمالك بالأمس، تذكر الشهر الذي فات، تذكر السنة التي فاتت، تذكر جيداً فإن وجدت خيراً فلتحمد الله عز وجل، وإن وجدت غير ذلك فسارع بالتوبة، فباب التوبة مفتوح على مصراعيه في رمضان، ابدأ بداية جديدة مع الله عز وجل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53].
إذاً: رمضان ركن من أركان الإسلام، تستطيع أن تبني فوقه إسلاماً قوياً وأمة قوية.
أتمنى يا إخواني لو تكتبون هذه الوصايا، والذي لم يكتب أتمنى أن يسمع الشريط من جديد ويكتبها.
كذلك حاسب نفسك كل يوم قبل أن تنام: ماذا عملت في الصلاة؟ وماذا عملت في القرآن؟ وماذا عملت في القيام؟ وماذا عملت في الصدقة؟ وماذا عملت في صلة الأرحام؟ وفي إصلاح ذات البين؟ وماذا عملت في لسانك؟ وماذا عملت في دعوتك؟ وماذا عملت في الاعتكاف؟ وأخيراً ماذا عملت في ذنوبك التي فاتت؟ يا ترى هل تبت منها أم أضفت إليها ذنباً جديداً؟ حاسب نفسك يا أخي قبل أن تحاسب، وارقب يوماً لا شك أنه قادم، واحذر من ليلة يكون صبحها يوم القيامة.
بهذه المشاعر، وبهذه العزيمة، وبهذه التربية، وبهذا الإعداد سيكون رمضان عامل بناء حقيقي للأمة الإسلامية.
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر:44].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.