للأسف الشديد إن ضياع صلاة الفجر مشكلة شديدة الشيوع في أوساط المسلمين رجالاً ونساءً، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأنا أتكلم عن حقائق في شرع الله عز وجل، أتكلم عن نصوص محكمة يا إخواني ليس فيها لبس، أتكلم عن أمور لا يوجد فيها اختلاف، بل أجمع العلماء عليها، قد يقول قائل: لكن أنا فعلاً لا أستطيع القيام للفجر، بالنسبة لي مستحيل، أقول له: كيف يكون في حقك مستحيلاً، ولا يكون في حق غيرك مستحيلاً؟! تعالوا نفكر معاً، أولاً: يقول الله عز وجل في كتابه: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، فهل صلاة الصبح في هذا التوقيت تكليف أم ليست تكليفاً؟ هي تكليف، وفرض أم ليست فرضاً؟ هي فرض، على كل المؤمنين أم على طائفة معينة من المؤمنين؟ على كل المؤمنين، والله عز وجل يعلم الوسع أو لا يعلمه؟ يقيناً يعلمه، ومع ذلك كلفك بصلاة الصبح في هذا التوقيت.
إذاً: لا ينفع عقلاً ولا شرعاً لمسلم يؤمن بحكمة الله عز وجل وبعلم الله وبعدل الله أن يدعي أنه لا يستطيع تنفيذ تكليف من تكاليف الله عز وجل، هذا أول أمر.
الأمر الثاني: عشت في أمريكا فترة، وكنت أذهب لصلاة الفجر في المسجد وأرجع منه الساعة السادسة صباحاً، وكنت أجد الطريق السريع مليئاً بالسيارات عن آخره في الساعة السادسة صباحاً، وهؤلاء الناس كلهم من نصارى ويهود وملاحدة، وهؤلاء استيقظوا في ميعاد الفجر؛ لكي يذهبوا إلى دنياهم وإلى أعمالهم، كل هؤلاء الناس استطاعت أن تستيقظ الساعة الرابعة أو الخامسة؛ لكي تخرج الساعة السادسة صباحاً إلى شغلها.
وهناك أناس آخرون كنت أراهم في الشوارع وأنا في طريقي لصلاة الفجر، يعني: قبل الفجر، فهؤلاء هم أصحاب الرياضة، تجدهم يجرون في الشارع في الهواء النقي في ذلك الوقت، وهناك أناس قبل أن تذهب إلى العمل تخرج كلابها للفسحة؛ لأن الكلب يقعد محبوساً في البيت من الساعة السادسة صباحاً أو السابعة صباحاً إلى الساعة السادسة أو السابعة في الليل، فصاحب هذا الكلب يستيقظ قبل الفجر لكي يفسح الكلب، لكي يجعله يستنشق هواء لطيفاً ونظيفاً.
فالأمريكي نصرانياً كان أو يهودياً أو ملحداً يستيقظ قبل الفجر لأجل الكلب، وبعض المسلمين، أو كثير من المسلمين، أو دعوني أقول بصراحة: معظم المسلمين لا يستيقظون لله عز وجل، هذه مأساة يا إخواني، ثم أنت شخصياً، يا ترى لو عندك موعد طائرة أو قطار الساعة السادسة صباحاً ستستطيع أن تستيقظ وتذهب في الموعد، أم ستقول: إن إمكانياتك البشرية لن تسمح؟! يا ترى لو ظروف عملك تضطرك أنك تستيقظ الساعة الرابعة أو الخامسة صباحاً ستستطيع أن تستيقظ، أم ستعتذر كل يوم لرئيسك في العمل وتقول له: والله ظروفي صعبة لا أستطيع؟ أقول لك بصراحة: يا ترى لو أن شخصاً سيعطيك ألف جنيه في ميعاد الفجر يومياً لمدة سنة هل ستستيقظ أم لا؟ ستستيقظ لتأخذ الألف جنيه؛ لأنك ستحصل خلال السنة على ثلاثمائة وخمسة وستين ألف جنيه، افرض أنك في آخر السنة مت وأنت تارك وراءك ثلاثمائة وخمسة وستين ألف جنيه وليس معك ولا صلاة فجر في قبرك، أو أنك مت وليس لديك ولا جنيه ومعك ثلاثمائة وخمسة وستون صلاة فجر في القبر معك أيهما أفضل لك؟ فكر بصدق وأجب بصدق، فهل يا ترى ستستيقظ للمال أم ستستيقظ للفجر؟