إننا نتساءل اليوم ما العمل مع هذا الوضع التي تعيشه أمة الإسلام في هذه الأيام؟ وما العمل مع المأساة التي تمر بها العراق والمصائب التي تعاني منها فلسطين والكوارث التي تتوالى على الشيشان والظلم الذي يقع على المسلمين في كشمير وفي البوسنة وفي كوسوفو وفي الفلبين وفي بورما وفي أفغانستان وفي السودان وفي ليبيا وفي غيرها من بلاد المسلمين؟ إن المشكلة ليست مشكلة دولة أو مجتمع أو فرد، وإنما هي مشكلة أمة كاملة، أمة عاشت سنوات تقود غيرها فإذا بها اليوم تقاد، أمة رفعت رأسها قروناً فإذا هي اليوم تطأطئ رأسها للشرق وللغرب، أمة ظلت دهراً تعلم الناس الخير وتضرب لهم الأمثال في الأخلاق، وتأخذ بأيديهم إلى طريق الله عز وجل، فإذا بها بعد أن عرفت طريق الهدى وعرفت به تتبع هذا وذاك، وهذه مشكلة خطيرة.
إخواني في الله! أنا لست مع أنصاف الحلول وتمييع القضايا والعلاج المؤقت، ولا أريد تفريغاً للشحنات ولا مهبطات للحرارة دون علاج للأسباب الحقيقية للمرض، ولا أريد شعارات جوفاء ولا أصواتاً عالية ولا تشنجات مفتعلة، ولا إلصاق أخطائنا ومشاكلنا وهمومنا بحاكم أو بعالم أو بداعية أو بجماعة أو بصديق أو بعدو، وإنما أريد فقهاً عميقاً لأسباب المرض وعلاجاً شرعياً له.
والمشكلة في اعتقادي فكرية في المقام الأول، وهي سوء فهم خطير لكثير من الأصول الثوابت في الإسلام، سوء فهم وقد انتشر سوء الفهم هذا في أبناء الأمة من أقصاها إلى أقصاها إلا من رحم الله عز وجل.
والحل هو في العودة إلى فهم الإسلام من مصادره الأصيلة.
ففي قضية العراق مثلاً تعددت الأطروحات لعلاج هذه القضية، فواحد يقول مثلاً: على صدام حسين أن يتنحى، وآخر يقول: على الدول العربية أن تسير في الطرق السلمية مهما تفاقم الأمر، وعلى الأمم المتحدة أن تتحرك، وعلى الأمريكان أن ينهوا المشكلة بسرعة، وعلى العراق أن يدمر كل أسلحته، وعلى المسلمين أن يستنفروا الصين وألمانيا وفرنسا وروسيا للوقوف أمام أمريكا، وثالث يقول: نريد درعاً بشرياً في العراق.
إخواني في الله! هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيضع هذه الأطروحات لو كان يتابع معنا الموقف في العراق؟! فنحن نريد توحيد المفاهيم على أساس شرع الله عز وجل، ونريد حركة بهذه المفاهيم وسط أبنائنا وأحفادنا وجيراننا ومجتمعاتنا، ونريد عملاً بكل مفهوم علمنا أنه في دين الله عز وجل.