من الناحية السياسية كان الوضع متأزماً جداً، أمراء مصر على صراع شديد على الحكم بين أواخر الأيوبيين وأوائل المماليك، ففي وقت اجتياح بغداد كان يتولى حكم مصر طفل لم يبلغ خمس عشرة سنة من عمره، طفل اسمه نور الدين علي، ابن السلطان السابق لمصر عز الدين أيبك، وكان وزيره الأول هو الأمير قطز رحمه الله.
أما الوضع الاقتصادي فكان متدهوراً للغاية في مصر، فقد أنهكت مصر سلسلة من الحملات الصليبية المتتالية، آخر واحدة منهن كانت موقعة المنصورة الشهيرة ضد الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا، وانتصر فيها المسلمون انتصاراً باهراً في سنة (648هـ)، يعني: قبل تدمير بغداد بثمان سنين.
ومع رداءة هذا الوضع السياسي والاقتصادي، إلا أن الشعب لم يكن متأثراً تماماً بهذه الظروف السيئة التي تمر بها البلاد، فقد كان لدى الشعب شيئان في منتهى الأهمية في تلك الفترة: العلم، والجهاد، فقد كانوا دائماً يعظمون جداً من أمر العلم والعلماء، ويعظمون من أمر الجهاد في سبيل الله، فقد كان الشعب لديه حمية للجهاد، ألف حياة المشقة والبذل من جراء الحروب المتتالية التي مر بها، ونتيجة صدق العلماء الذين كانوا يعيشون في هذه الفترة من الزمان.