وَيَقُولُونَ: صلح الْمعلم مَوْضُوع الْإِنْشَاء وَعمل الْحساب، ويريدون: صحّح، وَهَذَا وهم ظَاهر وَإِن تقَارب المعنيان، لِأَن التصليح يكون لما فسد أَو تعطل من الْآلَة وَالشَّيْء، فَتَقول: أصلحت السيارة وأعطالها وَكَذَلِكَ صلحتها.
بَيْنَمَا التَّصْحِيح يكون لتصويب مَا فسد مساره، كتصحيح الْخَطَأ فِي الْكِتَابَة وَالْقِرَاءَة، وَتَصْحِيح المسار والنهج والفكرة.
وَأما الْإِصْلَاح فَيكون فِي القضايا المعنوية الْمُتَعَلّقَة بِالنَّفسِ وَالْإِنْسَان وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَإِن تصلحوا وتتقوا فَإِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} والإصلاح خلاف الْفساد، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {الَّذين يفسدون فِي الأَرْض وَلَا يصلحون} ، وَمِنْه: إصْلَاح ذَات الْبَين.
وَمِمَّا ينْدَرج فِي هَذَا الإطار قَوْلهم: ضعف الْمَرَض جسده، يُرِيدُونَ أضعفه، فيقلبون الْمَعْنى إِلَى ضِدّه، لِأَن الْفِعْل ضعف يضعف تضعيفا، وَكَذَلِكَ ضاعف يُضَاعف مضاعفة، وواحدها الضعْف (بخفض الضَّاد) وَالْجمع أَضْعَاف كلهَا تَعْنِي الزِّيَادَة وَالْكَثْرَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فيضاعفه لَهُ أضعافا كَثِيرَة} .
بَيْنَمَا أَضْعَف يضعف إضعافا وضعفا وضعفا، وضعفا وَالْوَاحد ضَعِيف، وَالْجمع ضِعَاف وضعفاء وَهِي جَمِيعًا تَعْنِي الْقلَّة وَالنُّقْصَان فِي الْقُوَّة الجسدية والعقلية، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ جعل من بعد قُوَّة ضعفا} .
وَنَظِيره قَول الشَّاعِر:
(وَلَا أشارك فِي رَأْي أَخا ضعف ... وَلَا أَلين لمن لَا يَبْتَغِي ليني)
وأخا ضعف تَعْنِي: الضعْف فِي الرَّأْي وَالْعقل.
وَأما قَول الشَّاعِر:
(وَمن يلق خيرا يغمز الدَّهْر عظمه ... على ضعف من حَاله وفتور)