وَشَاهد الْجمع على تؤام مَا أنْشدهُ ابْن سيدة من قَول الشَّاعِر:
(قَالَت لنا ودمعها تؤام ... على الَّذين ارتحلوا السَّلَام)
وَمن أوهامهم الَّتِي لَا تغتفر، اسْتِعْمَال حُرُوف الْجَرّ الْوَاحِد مَكَان الآخر مِمَّا يشوه الْمَعْنى، فَيَقُولُونَ: خطب الْمَرْأَة من ذويها.
وَالصَّوَاب أَن يُقَال: خطب الْمَرْأَة إِلَى ذويها.
وَيَقُولُونَ: أجَاب على سُؤَاله.
وَالصَّوَاب أَن يُقَال: أجَاب عَن سُؤَاله.
وَيَقُولُونَ: جلس على الْمَائِدَة، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: جلس إِلَى الْمَائِدَة.
وَيَقُولُونَ فِي الدُّعَاء: رَضِي الله عَلَيْك، والأفصح أَن يُقَال: رَضِي الله عَنْك.
وَمِمَّا ينْدَرج فِي هَذَا الإطار قَوْلهم: تَوَضَّأت وَمن ثمَّ صليت (بِضَم الثَّاء) ، ويعنون، بعد ذَلِك، فيقعون فِي الْوَهم، لأَنهم أدخلُوا حرف الْجَرّ على حرف الْعَطف، الْأَمر الَّذِي لَا تسمح بِهِ اللُّغَة. ... وَالصَّوَاب أَن يُقَال: تَوَضَّأت وَمن ثمَّ صليت (بِفَتْح الثَّاء) ، لِأَن الظّرْف (ثمَّ) يسمح بِدُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهِ، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(نعاقرهم من دنان الْخُمُور، وَمن ثمَّ يسكرهم من شدا)
وَرب متسائل يَقُول: كَيفَ لَا تسمح اللُّغَة بِدُخُول الْحَرْف على الْحَرْف، فِي حِين أَدخل الشَّاعِر حرف الْجَرّ على، على الْحَرْف الْمُشبه بِالْفِعْلِ أَن فِي قَوْله:
(فوَاللَّه لَا أنسى قَتِيلا رزئته ... بِجَانِب قوسي مَا بقيت على الأَرْض)