حرف الْجَرّ.
وَنَظِيره قَول الشَّاعِر:
(مرت بِنَا أول من أموس ... تميس فِينَا ميسة الْعَرُوس)
وأموس: جمع أمس، وَهِي مجرورة بالكسرة لهَذَا السَّبَب.
وَقَول نصيب بن رَبَاح:
(فَإِنِّي وقفت الْيَوْم والأمس قبله ... ببابك، حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب)
وَالشَّاهِد فِي لَفْظَة أمس، أَنه ظرف مُعرب لدُخُول أل التَّعْرِيف عَلَيْهِ.
وَمن أَوْهَام بعض المتحذلقين من الْخَواص أَنهم يفرقون بَين البلاط (بِفَتْح الْبَاء) والبلاط (بخفضها) فيوهمون بِأَن الأول هُوَ قصر الْملك وَالثَّانِي هُوَ مَا ترصف بِهِ الأَرْض من حِجَارَة وآجر.
وَالصَّحِيح أَنه لَا وجود للفظة بلاط فِي الْعَرَبيَّة، فكلا اللَّفْظَيْنِ ورد فِي جَمِيع المعاجم بِفَتْح الْبَاء، وَمِنْه قَول أبي دَاوُد الْإِيَادِي:
(وَلَقَد كَانَ والكتائب خضر ... وبلاط يشاد بالأجرون)
وَمن أوهامهم فِي هَذَا الْبَاب أَيْضا أَنهم يطلقون على الْمَكَان المتسع من الأَرْض لَفْظَة منْطقَة (بِفَتْح الْمِيم وخفض الطَّاء) ، وعَلى النطاق الَّذِي تنتطق بِهِ الْمَرْأَة لَفْظَة منْطقَة (بخفض الْمِيم وَفتح الطَّاء) ، فيوهمون، لِأَنَّهُ لَا وجود للفظة الأولى فِي الْعَرَبيَّة، فالمنطقة هِيَ الْمَكَان المتسع والنطاق مَعًا، وَالْجمع مناطق، وَقد ورد فِي اللِّسَان أَن المنطقة هِيَ شبه إِزَار فِيهِ تكة تنتطق بِهِ الْمَرْأَة.
وَقيل: إِن هَاجر أم إِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام هِيَ أول من اتَّخذت النطاق.
وَيُقَال لأسماء بنت أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا، ذَات النطاقين، لِأَنَّهَا كَانَت تطارق نطاقين، تلبس أَحدهمَا، وَتحمل فِي الآخر الزَّاد إِلَى سيدنَا رَسُول الله