الْتحق بحيز مَا لَا يتَصَرَّف بِنَفسِهِ، فَلهَذَا عدى الْفِعْل إِلَيْهِ بِحرف الْجَرّ، كَمَا يعدى إِلَى مَا لَا حس لَهُ وَلَا عقل.
(إِذا بلغ الرَّأْي المشورة فَاسْتَعِنْ ... بِرَأْي لَبِيب أَو نصاحة حَازِم)
(وَلَا تحسب الشورى عَلَيْك غَضَاضَة ... فَإِن الخوافي رافدات القوادم)
وَكَانَ الأَصْل فِي مشورة مشورة على وزن مفعلة مثل مكرمَة، فنقلت حَرَكَة الْوَاو إِلَى مَا قبلهَا وسكنت هِيَ فَقيل مشورة.
وَاخْتلف فِي اشتقاق اسْمهَا فَقيل أَنه من قَوْلك: شرت الْعَسَل اشورة إِذا جنيته، فَكَأَن المستشير يجتني الرَّأْي من المشير.
وَقيل: بل أَخذ من قَوْلك: شرت الدَّابَّة إِذا أجريتها مقبلة ومدبرة، لتسبر حضرها، وتخبر جوهرها فَكَأَن المستشير يسْتَخْرج الرَّأْي الَّذِي عَن المشير وكلا الاشتقاقينه يتقارب مَعْنَاهُ من الآخر، ويلتحم بِهِ.
(فإياك وَالْأَمر الَّذِي إِن توسعت ... موارده ضَاقَتْ عَلَيْك المصادر)