فَمَا عَلِمَ أَحَدٌ أَنَّ الصَّحِيْحَةَ تُسَاوِي السَّقِيْمَةَ أَوْ بِالْعَكْسِ» (?) اِنْتَهَى.
هَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُضْبَطَ لَفْظُ النَّاظِمِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ، أَيْ: الْإِيْهَامِ، وَهُوَ التَّوْرِيَةُ؛ لِأَنَّ الْإِبْهَامَ بِالْبَاءِ جَعَلَهُ الْقَزْوِيْنِيُّ وَغَيْرُهُ دَاخِلاً فِي التَّوْجِيْهِ (?).
وَالتَّوْرِيَةُ: هُوَ أَنْ يُطْلَقَ لَفْظٌ لَهُ مَعْنَيَانِ؛ قَرِيْبٌ وَبَعِيْدٌ، وَيُرَادُ الْبَعِيْدُ اعْتِمَاداً عَلَى قَرِيْنَةٍ خَفِيَّةٍ، وَهِيَ ضَرْبَانِ (?):
الْأُوْلَى: مُجَرَّدَةٌ: وَهِيَ الَّتِي لَا تُجَامِعُ شَيْئاً مِمَّا يُلَائِمُ الْمَعْنَى الْقَرِيْبَ؛ نَحْوُ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] أَرَادَ بِـ «اِسْتَوَى» مَعْنَاهُ الْبَعِيْدَ؛ وَهُوَ: «اِسْتَوْلَى»، وَلَمْ يُقْرَنْ بِهِ شَيْءٌ مِمَّا يُلَائِمُ الْمَعْنَى الْقَرِيْبَ؛ الَّذِيْ هُوَ: (الِاسْتِقْرَارُ).
وَالثَّانِيَةُ: مُرَشَّحَةٌ: وَهِيَ الَّتِيْ تُجَامِعُ شَيْئاً مِمَّا يُلَائِمُ الْمَعْنَى الْقَرِيْبَ؛ نَحْوُ: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذّاريات: 47]؛ أَرَادَ بِالْأَيْدِي مَعْنَاهَا الْبَعِيْدَ؛ وَهُوَ: (الْقُدْرَةُ)، وَقَدْ قُرِنَ بِمَا يُلَائِمُ الْمَعْنَى الْقَرِيْبَ الَّذِيْ هُوَ: (الْجَارِحَةُ الْمَخْصُوْصَةُ)، وَهُوَ قَوْلُهُ: (بَنَيْنَاهَا) إِذِ الْبِنَاءُ يُلَائِمُ الْيَدَ.
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اشْتُهِرَ بَيْنَ أَهْلِ الظَّاهِرِ مِنَ المُفَسِّرِيْنَ، وَإِلَّا فَالتَّحْقِيْقُ أَنَّ هَذَا تَمْثِيْلٌ وَتَصْوِيْرٌ لِعَظَمَتِهِ، وَتَوْقِيْفٌ عَلَى كُنْهِ جَلَالِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتَمَحَّلَ لِلْمُفْرَدَاتِ حَقِيْقَةً أَوْ مَجَازاً، وَاللهُ أَعْلَمُ.