ويجتنب الامتنان فِي الْإِحْسَان والبذخ بالجميل فَإِنَّهُ من ضيق النَّفس وتابع لفساد الْأَخْلَاق إِلَّا أَن يرى قوما كفرُوا إحسانه وقاربوا عصيانه فَيخرج ذَلِك مخرج التهديد جَزَاء لقلَّة شكرهم وَكفر إحسانه إِلَيْهِم وَيكون ذَلِك مِنْهُ إحسانا آنِفا يسْتَوْجب بِهِ الشُّكْر
وَليكن من رَأْيه أَن يتصفح فِي ليلته مَا فعله فِي نَهَاره فَإِن اللَّيْل أجمع للفكر وأحضر للخاطر فَإِن كَانَ صَوَابا أحكمه وأمضاه وَإِن كَانَ قد مَال فِيهِ عَن الصَّوَاب بَادر إِلَى استدراكه إِن أمكن وانْتهى عَن مثله فِي الْمُسْتَقْبل وليعلم إِنَّمَا صدر من أَفعاله فَلَيْسَ يَخْلُو فِيهِ ثَلَاثَة أَحْوَال
إِمَّا أَن يكون قد اقتصد فِي فعلهَا ووقف مِنْهَا على حَدهَا وَهُوَ الْعدْل فِي كل الْأُمُور
أَو يكون قد أفرط فِيهَا أَو قصر عَنْهَا وَكِلَاهُمَا ميل عَن الْقَصْد وَخُرُوج عَن الْحق فليعرف ذَلِك بصبره وتحريه وليفكر فِيهِ قبل نُفُوذه وتقصيه
وَليكن مَعَ ذَلِك متصفحا لأفعال غَيره فَمَا أعجبه من جميلها وَاسْتَحْسنهُ من فضائلها بَادر إِلَى فعله وزين نَفسه بِالْعَمَلِ بِهِ فَإِن