الْأَخْلَاق إِذا أَخذ الْملك نَفسه بتعديلها اتسق نظام مَمْلَكَته واستقام أَمر دولته
ثمَّ يحفظ نَفسه من حسد غَيره فَإِن قدره يجل عَن مذمته وَظَاهر الْحَسَد أقبح من بَاطِنه وباطنه أضرّ من ظَاهره لِأَنَّهُ فِي الظَّاهِر شدَّة الأسى على الْخَيْر أَن يكون للنَّاس الأفاضل وَهَذَا قَبِيح فِي الظَّاهِر وخاصة بالملوك الَّذين هم أس الْفَضَائِل ومعدن الْخيرَات وباطنه أَنه مغم للنَّفس كدود للحسد غير جالب لنفع وَلَا دَافع لضَرَر وَلَا مُؤثر فِي عَدو
فَأَما المنافسة فَهِيَ غير الْحَسَد فَلَا بَأْس أَن يتنافس الْأَكفاء فِي فضائلهم وَرُبمَا غلط قوم فظنوا أَن المنافسة فِي الْخَيْر هِيَ الْحَسَد وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا ظنُّوا لِأَن المنافسة طلب التَّشَبُّه بالأفاضل من غير إِدْخَال ضَرَر على الْفَاضِل والحسد مَصْرُوف إِلَى الضَّرَر لِأَن غَايَته أَن يعْدم الْفَاضِل فَضله فَهَذَا هُوَ الْفرق بَين المنافسة والحسد