وَاحِدٍ أَوْ فَرِيقَيْنِ ثُمَّ إذَا شَهِدَا أَنَّهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَأَلَهُمْ الْقَاضِي أَعَنْ سَمَاعٍ تَشْهَدُونَ أَنَّهَا فِي يَدِهِ أَوْ عَنْ مُعَايَنَةٍ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا سَمِعُوا إقْرَارَهُ أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ يُطْلِقُ لَهُمْ الشَّهَادَةَ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ
(وَإِنْ شَهِدَا بِالْمِلْكِ فِي الْمَحْدُودِ وَآخَرَانِ بِالْحُدُودِ) حَيْثُ يُقْبَلَانِ لِمَا ذُكِرَ (وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَلَمْ يَعْرِفُوا الرَّجُلَ بِعَيْنِهِ فَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ الْمُسَمَّى بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَسَيَأْتِي نَظَائِرُهَا
(شَهِدَ عَدْلٌ فَقَالَ أَوْهَمْتُ بَعْضَ شَهَادَتِي لَمْ يَضُرَّهَا) يَعْنِي بَعْدَمَا شَهِدَ تَذَكَّرَ لَفْظًا تَرَكَهُ فِي شَهَادَتِهِ فَذَكَرَهُ تُقُبِّلَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُنَاقَضَةٌ وَأَطْلَقَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُحِيطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْرَحْ عَنْ مَكَانِهِ جَازَ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَدْلًا وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الْمُنَاقَضَةِ وَإِنَّهُ شَرْطٌ حَسَنٌ ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ
(بَيِّنَةُ الْمَوْتِ مِنْ الْجُرْحِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْتِ بَعْدَ الْبُرْءِ) يَعْنِي جَرَحَ رَجُلٌ إنْسَانًا وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ فَأَقَامَ أَوْلِيَاؤُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَأَقَامَ الضَّارِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ بَرِيءٌ وَمَاتَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَبَيِّنَةُ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ أَوْلَى (وَبَيِّنَةُ الْغَبْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ كَوْنِ الْقِيمَةِ مِثْلَ الثَّمَنِ) يَعْنِي أَنَّ وَصِيًّا بَاعَ كَرْمَ الصَّبِيِّ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَادَّعَى غَبْنًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّ قِيمَةَ الْكَرْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ ثُمَّ إذَا شَهِدَا أَنَّهَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَأَلَهُمْ الْقَاضِي. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ هَلْ تَثْبُتُ يَدُهُ حُكْمًا فَمَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمَا عَايَنَا يَدَهُ لَا تُقْبَلُ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِهَذِهِ الْحَادِثَةِ وَفِي غَيْرِهَا كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ شَهِدَا بِبَيْعٍ وَتَسْلِيمٍ يَسْأَلُهُمَا الْقَاضِي اشْهَدَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ عَلَى مُعَايَنَةِ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْحُكْمُ يَخْتَلِفُ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ شَهَادَةٌ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِهِ لَيْسَتْ شَهَادَةً بِمِلْكِ الْبَائِعِ أَقُولُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُعَايَنَةِ قَدْ تَكُونُ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْبَائِعِ بِأَنْ يَبِيعَ وَكَالَةً فَلَا يَسْتَقِيمُ جَعْلُ الشَّهَادَةِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْبَيْعِ شَهَادَةً بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَبَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ فَرْقٌ يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. اهـ.
قُلْت وَلَا يَخْتَصُّ بِمَا بَحَثَ بِهِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْبَيْعِ لَا تَقْتَضِي الْمِلْكَ إذْ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ بِالْبَيْعِ أَنْ يَدَّعِيهِ بَعْدَ شَهَادَتِهِ بِهِ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ أَوْ بَيْعًا بَاتًّا كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدُوا بِالْمِلْكِ فِي الْمَحْدُودِ وَآخَرَانِ بِالْحُدُودِ حَيْثُ يُقْبَلَانِ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إنَّ الرِّوَايَةَ اخْتَلَفَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تُقْبَلُ
(قَوْلُهُ شَهِدَ عَدْلٌ فَقَالَ أَوْهَمْتُ بَعْضَ شَهَادَتِي لَمْ يَضُرَّهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ كَوْنُهُ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ مَا لَمْ يَبْرَحْ عَنْ مَكَانِهِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ يَعْنِي بَعْدَ مَا شَهِدَ تَذَكَّرَ وَقَوْلُهُ أَوْهَمْتُ أَيْ أَخْطَأْتُ لِنِسْيَانٍ عَرَانِي بِزِيَادَةٍ بَاطِلَةٍ بِأَنْ كَانَ شَهِدَ بِأَلْفٍ فَقَالَ إنَّمَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ أَوْ بِنَقْصٍ بِأَنْ شَهِدَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَالَ أَوْهَمْتُ إنَّمَا هِيَ أَلْفٌ جَازَتْ شَهَادَتُهُ وَإِذَا جَازَتْ فِيمَ إذَا يَقْضِي قِيلَ بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ بِهِ لِأَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ صَارَ حَقًّا لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِقَوْلِهِ أَوْهَمْتُ وَلَا بُدَّ مِنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي الزِّيَادَةَ وَقِيلَ بِمَا بَقِيَ فَقَطْ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ لِرَجُلٍ شَهَادَةً ثُمَّ زَادَ فِيهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَا أُوهِمنَا وَهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ قُبِلَ مِنْهُمَا وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَقْضِي بِالْكُلِّ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ قَالَ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا قَالَ أَوْهَمْتُ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ فِي النُّقْصَانِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا وَلَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُحِيطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْرَحْ. . . إلَخْ) هَذَا وَقَيَّدَ الزَّيْلَعِيُّ شَرْطَ عَدَمِ الْبَرَاحِ بِمَا إذَا كَانَ مَوْضِعَ شُبْهَةٍ كَمَا بَيَّنَّا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ شُبْهَةٍ فَلَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الْكَلَامِ وَإِنْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ إنْ كَانَ عَدْلًا مَأْمُونًا مِثْلَ أَنْ يَتْرُكَ لَفْظَ الشَّهَادَةِ أَوْ اسْمَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْإِشَارَةَ إلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَجْرِي مُجْرَاهُ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقْبَلُ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ فِي الْكُلِّ) الْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ
(قَوْلُهُ بَيِّنَةُ الْمَوْتِ مِنْ الْجُرْحِ) إلَى آخِرِ الْبَابِ كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ فِي دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ.
(تَنْبِيهٌ) : فِي الشَّهَادَةِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ اعْلَمْ أَنَّهُ عَقَدَ لِذَلِكَ فَصْلًا فِي الْخُلَاصَةِ والتتارخانية وَقَدْ اسْتَفْتَى الْآنَ عَنْ قَبَّانِيٍّ وَنَحْوِهِ شَهِدَ بِالْوَزْنِ وَالتَّسْلِيمِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ ذَرْعُ الثَّوْبِ لَوْ أَخْبَرَ بِهِ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ ذَرَعَهُ وَسَلَّمَهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَجَوَابُهُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ مَا نَصُّهُ.
وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ أَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يُنْكِرُ فَشَهِدَا عَلَى قَبْضِهِ وَقَالَا نَحْنُ وَزَنَّاهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَا زَعَمَا أَنَّ رَبَّ الْمَالِ كَانَ حَاضِرًا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا عِنْدَ الْوَزْنِ لَا تُقْبَلُ اهـ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا انْتَقَلَ قَبْلَ الْعَقْدِ إلَيْهِ فَكَانَ الشَّاهِدُ شَاهِدًا عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا تَعَذَّرَ إضَافَتُهُ إلَيْهِ فَبَقِيَ الْعَقْدُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا لَوْ وَزَنَ لَهُ الْغَرِيمُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَوَضَعَهُ وَقَالَ خُذْ مَالَكَ فَقَالَ الْمُقْتَضِي لِرَجُلٍ نَاوِلْنِي هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَنَاوَلَهَا ثُمَّ شَهِدَ عَلَى الْمُقْتَضَى وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ وَذَكَرَ هِلَالٌ فِي شُرُوطِهِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الَّذِي كَالَ الْمَكِيلَ وَفِي الْمَذْرُوعِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّرَاعِ. اهـ. وَسَنَذْكُرُ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ جَوَازَ شَهَادَةِ الْقَاسِمَيْنِ وَلَوْ قَسَمَا بِأَجْرٍ مُطْلَقًا