الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ مِنْهُ لِوَرَثَتِهِ بِأَنْ يَقْضُوا دَيْنَهُ وَلِهَذَا يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَرِيضُ الدَّيْنَ وَغُرَمَاءَهُ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ وَلِهَذَا قَالُوا لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا تَرَكَ مَالًا (وَصَحَّتْ) أَيْ الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) مُطْلَقًا فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إذَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ وَأَجَازَ (وَبِهِ يُفْتَى) كَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ (وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ) أَيْ الْكَفِيلَ (إذَا قَالَ بِطَرِيقِ الْإِخْبَارِ) بِأَنْ يَقُولَ أَنَا كَفِيلٌ بِمَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ (جَازَ) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (وَ) لَا (بِالْأَمَانَاتِ) كَالْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ (وَ) لَا (بِالْمَبِيعِ) قَبْلَ الْقَبْضِ (وَالْمَرْهُونِ) بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ إلَّا بِدَفْعِهِ أَوْ دَفْعِ بَدَلِهِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الضَّمِّ فَيَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ وَالْأَمَانَاتُ لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ وَالْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالثَّمَنِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا الرَّهْنُ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ بِنَفْسِهِ بَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ إذَا هَلَكَ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْكَفِيلِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْأَصِيلِ (وَتَجُوزُ) أَيْ الْكَفَالَةُ (بِتَسْلِيمِهَا) أَيْ تَسْلِيمِ الْأَمَانَاتِ وَالْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَجَبَ تَسْلِيمُهَا وَإِنْ هَلَكَتْ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ كَالْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ (وَقِيلَ إنْ وَجَبَ) أَيْ تَسْلِيمُهَا (عَلَى الْأَصِيلِ) كَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ (جَازَتْ) أَيْ الْكَفَالَةُ (بِهِ) أَيْ بِتَسْلِيمِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهَا عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ (فَلَا) أَيْ لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِهَا

(وَتَصِحُّ) أَيْ الْكَفَالَةُ (بِالثَّمَنِ) لِأَنَّهُ دَيْنٌ صَحِيحٌ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي (وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَبِيعِ) بَيْعًا (فَاسِدًا) فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ حَتَّى إذَا هَلَكَتْ عِنْدَهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ فَأَمْكَنَ إيجَابُهُ عَلَى الْكَفِيلِ.

(وَ) تَصِحُّ (بِالْخَرَاجِ) لِأَنَّهُ دَيْنٌ مُطَالَبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَصَارَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا فِعْلٌ هُوَ عِبَادَةٌ وَالْمَالُ مَحَلُّهُ وَلِهَذَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا بِوَصِيَّةٍ (وَالنَّوَائِبِ) قِيلَ هِيَ مَا يَكُونُ بِحَقٍّ كَأُجْرَةِ الْحَارِسِ وَكَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَالِ الْمُوَظَّفِ لِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ وَفِدَاءِ الْأَسْرَى وَقِيلَ هِيَ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ الَّتِي فِي زَمَانِنَا يَأْخُذُ الظَّلَمَةُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ جَازَ الْكَفَالَةُ بِهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مَضْمُونٌ وَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ (وَالْقِسْمَةِ) هِيَ النَّوَائِبُ إلَّا أَنَّ الْقِسْمَةَ مَا يَكُونُ رَاتِبًا وَالنَّوَائِبُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُوَظِّفُهَا الْإِمَامُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ وَقِيلَ هِيَ أَنْ يَمْتَنِعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ فَيَضْمَنُهُ شَخْصٌ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ (وَالدَّرْكِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ (وَالشَّجَّةِ) وَهِيَ الْجِرَاحَةُ وَالْكَفَالَةُ بِهَا أَنْ يَقُولَ كَفَلْت بِمُوجَبِهَا وَهُوَ الْأَرْشُ (وَقَطْعِ الْأَطْرَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُوجَبَهُ الْقِصَاصُ) بَلْ الدِّيَةُ إذْ الْوَاجِبُ حِينَئِذٍ مَالٌ وَاجِبُ الْأَدَاءِ (قَالَ أَدْفَعُهُ إلَيْك أَوْ أَقْضِيهِ لَا يَكُونُ كَفَالَةً إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ أَوْ عَلَّقَ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ.

وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ لَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الدَّيْنُ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك أَوْ أَقْضِيهِ؛ لَا يَكُونُ كَفَالَةً مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ بِأَنْ يَقُولَ كَفَلْت أَوْ ضَمِنْت أَوْ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ أَمَّا لَوْ قَالَ تَعْلِيقًا يَكُونُ كَفَالَةً نَحْوُ إنْ قَالَ إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ فَأَنَا أُؤَدِّي تَصِحُّ

(لِلطَّالِبِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَصَحَّتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ يُفْتَى) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ أَفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رِفْقًا بِالنَّاسِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ وَجَبَ أَيْ تَسْلِيمُهَا. . . إلَخْ) كَذَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِصِيغَةِ قِيلَ الْمُشْعِرَةِ بِالتَّمْرِيضِ وَقَدْ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ التُّحْفَةِ بِغَيْرِ تِلْكَ الصِّيغَةِ فَقَالَ.

وَفِي التُّحْفَةِ الْكَفَالَةُ بِأَمَانَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةِ التَّسْلِيمِ كَالْوَدِيعَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ لَا تَصِحُّ أَصْلًا وَالْكَفَالَةُ بِأَمَانَةٍ وَاجِبَةِ التَّسْلِيمِ كَالْعَارِيَّةِ جَائِزَةٌ وَعَلَى الْكَفِيلِ تَسْلِيمُهَا فَإِنْ هَلَكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فَإِنْ ضَمِنَ تَسْلِيمَهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ جَازَ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَتَصِحُّ بِالْخَرَاجِ) قِيلَ الْمُرَادُ بِالْخَرَاجِ الْخَرَاجُ الْمُوَظَّفُ وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ بِالذِّمَّةِ بِأَنْ يُوَظِّفَ الْإِمَامُ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى مَا يَرَاهُ لِإِخْرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ وَهُوَ مَا يَقْسِمُهُ الْإِمَامُ مِنْ غَلَّةِ الْأَرْضِ كَالرُّبُعِ أَوْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَيْضًا مُطَالَبَةُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ بَعْدَ مُطَالَبَةِ الْآخَرِ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ فَائِدَةً مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِلطَّالِبِ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ مَعَ الْأَصِيلِ. . . إلَخْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015