(إنْ قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ أَوْ) لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ نَحْوُ (إنْ غَابَ زَيْدٌ) الْمَكْفُولُ عَنْهُ (عَنْ الْمِصْرِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُنَاسِبٌ لِلْكَفَالَةِ كَالشُّرُوطِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا أَسْبَابٌ لِوُجُوبِ الْمَالِ فَتَنَاسَبَ ضَمُّ الذِّمَّةِ إلَى الذِّمَّةِ (لَا) أَيْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إنْ عُلِّقَتْ (بِنَحْوِ) أَيْ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ نَحْوُ (إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا سَهْوٌ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ لِأَنَّ الشَّرْطَ غَيْرُ مُلَائِمٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمُلَائِمٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ أَقُولُ قَوْلُهُ سَهْوٌ خَطَأٌ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْأُسْرُوشَنِيَّة أَنَّ الْكَفَالَةَ مِمَّا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الصَّدْرَ الشَّهِيدَ يَنْقُلُ مَسْأَلَةً هِيَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ وَخَافَ صَاحِبُ الْمَالِ أَنْ يُعْتِقَهُ الْمَوْلَى فَقَالَ رَجُلٌ لِصَاحِبِ الْمَالِ إنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فَأَنَا ضَامِنٌ لِدَيْنِك عَلَيْهِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ ثُمَّ يَقُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ جَائِزٌ
(وَلَا) تَصِحُّ أَيْضًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. . . إلَخْ) مَا قَالَهُ لَيْسَ عِبَارَتُهَا فَإِنَّهَا وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشُّرُوطِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ مَا بَايَعْت فُلَانًا أَوْ مَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَمَا غَصَبَك فَعَلَيَّ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وَالْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَقِّ كَقَوْلِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلُ قَوْلِهِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ أَوْ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلُ قَوْلِهِ إذَا غَابَ عَنْ الْبَلَدِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الشُّرُوطِ فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَأَمَّا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ وَكَذَا إذَا جُعِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَجَلًا إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ. لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ اهـ فَقَوْلُ الْهِدَايَةِ فَأَمَّا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ صَرَّحَ فِيهَا بِنَفْيِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِهُبُوبِ الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ جَوَازِ الْكَفَالَةِ وَفَصَلَ مَسْأَلَةَ جَعْلِ هُبُوبِ الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ أَجَلًا عَنْ مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِهِمَا بِقَوْلِهِ وَكَذَا إذَا جُعِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَجَلًا إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا اهـ يَعْنِي وَكَذَا لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ أَوْ الْمُرَادُ وَكَذَا لَا يَتَحَقَّقُ الصِّحَّةُ أَوْ الْمَعْنَى وَكَذَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ التَّأْجِيلَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِخْدَامِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاشْتِبَاهُ الْحَاصِلُ فِي مَعْرِفَةِ فَاعِلِ لَا يَصِحُّ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا إذَا جُعِلَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ رَاجِعًا إلَّا إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إذَا جُعِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَجَلًا لِأَنَّ الشَّرْطَ الْغَيْرَ الْمُلَائِمَ لَا تَصِحُّ مَعَهُ الْكَفَالَةُ أَصْلًا وَمَعَ الْأَجَلِ الْغَيْرِ الْمُلَائِمِ تَصِحُّ حَالَّةً وَيَبْطُلُ الْأَجَلُ لَكِنَّ تَعْلِيلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ يَقْتَضِي أَنَّ فِي التَّعْلِيقِ بِغَيْرِ الْمُلَائِمِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ حَالَّةً وَإِنَّمَا يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بَاطِلَةٌ فَتَصْحِيحُهُ بِحَمْلِ لَفْظِ تَعْلِيقِهَا عَلَى مَعْنَى تَأْجِيلِهَا بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَدَمَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْكَافِي) لَيْسَ كَمَا قِيلَ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَيْ الشَّرْطُ مُلَائِمًا كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ أَوْ إنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ لَا تَصِحُّ وَكَذَا إذَا كَفَلَ بِهِ إلَى مَجِيءِ الْمَطَرِ أَوْ هُبُوبِ الرِّيحِ بَطَلَ الْأَجَلُ وَصَحَّتْ الْكَفَالَةُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْآجَالِ الْمَعْرُوفَةِ بَيْنَ التُّجَّارِ اهـ.
وَكَيْفَ يَتَأَتَّى نِسْبَةُ مَا ذُكِرَ إلَى الْكَافِي وَقَدْ قَالَ صَاحِبُهُ فِي الْكَنْزِ مُخْتَصَرِ مَتْنِ الْكَافِي أَعْنِي الْوَافِيَ وَلَا يَصِحُّ بِنَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ فَإِنْ جُعِلَ أَجَلًا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا اهـ.
وَالْكَلَامُ عَلَى عِبَارَةِ الْكَافِي كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي كَلَامِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ) هَذَا سَهْوٌ مَنْشَأُ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ اخْتِلَافُ نُسْخَةٍ مِنْ الْكَنْزِ وَعَلَيْهَا شَرَحَ الزَّيْلَعِيِّ بِقَوْلِهِ قَالَ وَلَا تَصِحُّ بِنَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا اهـ.
وَلَا سَهْوَ فِي عِبَارَةِ الْكَنْزِ كَمَا لَا سَهْوَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي فَلَا يَرِدُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى صَحِيحِ نُسَخِ الْكَنْزِ (قَوْلُهُ أَقُولُ قَوْلُهُ سَهْوٌ خَطَأٌ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْأُسْرُوشَنِيَّة أَنَّ الْكَفَالَةَ مِمَّا لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ) قُلْت يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ هَذَا مَتْنًا لَا تَصِحُّ بِنَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ خَطَأً لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَيْسَ خَطَأً بَلْ عَيْنُ الصَّوَابِ وَهَذَا لَيْسَ وَجْهًا لِلتَّخْطِئَةِ لِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ يَقُولُ أَيْضًا بِأَنَّ الْكَفَالَةَ مِمَّا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ لِلْكَنْزِ فِي مَحَلِّهِ وَتَبِعْته أَنْتَ أَيْضًا وَلَيْسَ الْكَلَامُ هُنَا فِيمَا إذَا كَفَلَ بِشَرْطٍ مَا أَيِّ شَرْطٍ كَانَ بَلْ فِي شَرْطٍ لَا تَعَلُّقَ لِلْحَقِّ بِهِ وَلَا هُوَ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ لَكِنْ يُقَالُ فِيهِ نَظَرٌ بِمَا أَنَّ مَا قَالَهُ لَيْسَ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَيْسَ نَقْلًا بِالْمَعْنَى التَّامِّ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْ صَاحِبِ الدُّرَرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَذْكُرَ عِبَارَةَ الْكِتَابَيْنِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ) لَيْسَ بِظَاهِرٍ إذْ لَا اخْتِلَافَ رِوَايَةٍ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الصَّدْرَ الشَّهِيدَ. . . إلَخْ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ مَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مِمَّا شَرْطُهُ مُتَعَارَفٌ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ غَابَ عَنْ الْمِصْرِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ بِالْعِتْقِ كَالْغِيبَةِ عَنْ الْمِصْرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ جَائِزٌ) غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَا دَلِيلَ بِمَا ظَهَرَ لَك أَنَّهَا مِمَّا شَرْطُهُ مُتَعَارَفٌ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّ فِي رِسَالَةٍ مُسَمَّاةٍ بِبَسْطِ الْمَقَالَةِ وَرَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ مُوَافَقَتَهُ لِلْعَلَّامَةِ الْمَرْحُومِ جَوِي زَادَهْ مَكْتُوبًا بِحَاشِيَةِ بَعْضِ النُّسَخِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ
(قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ أَيْضًا