يُجْمَعُ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَوَجَبَ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْغَاصِبِ، وَإِلَّا لَزِمَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ بِلَا مَالِكٍ (وَصُدِّقَ) أَيْ الْغَاصِبُ (فِي قِيمَتِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُبَرْهِنْ الْمَالِكُ لِلزِّيَادَةِ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ زِيَادَةَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ، وَأَنْكَرَهَا الْغَاصِبُ فَإِنْ بَرْهَنَ الْمَالِكُ قُبِلَ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ الزِّيَادَةِ كَمَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى، (فَإِنْ ظَهَرَ) أَيْ الْمَغْصُوبُ (وَهِيَ) أَيْ قِيمَةٌ (أَكْثَرُ) مِمَّا ضَمِنَ الْغَاصِبُ (وَقَدْ ضَمِنَ بِقَوْلِهِ) مَعَ يَمِينِهِ (أَخَذَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (الْمَالِكُ وَرَدَّ عِوَضَهُ أَوْ أَمْضَى) أَيْ الْمَالِكُ (الضَّمَانَ) ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِهَذَا الْقَدْرِ لَمْ يَتِمَّ حَيْثُ ادَّعَى الزِّيَادَةَ، وَإِنَّمَا أَخَذَ دُونَهَا لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ.
(وَلَوْ) ضَمِنَ الْغَاصِبُ (بِقَوْلِ مَالِكِهِ أَوْ حُجَّتِهِ) أَيْ حُجَّةِ مَالِكِهِ (أَوْ نُكُولِ الْغَاصِبِ فَهُوَ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ (وَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْمُبَادَلَةِ بِهَذَا الْقَدْرِ حَيْثُ ادَّعَى هَذَا الْقَدْرَ فَقَطْ (نَفَذَ بَيْعُ غَاصِبٍ ضَمِنَ بَعْدَ بَيْعِهِ لَا إعْتَاقُهُ كَذَلِكَ) أَيْ إذَا ضَمِنَ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ لِلْغَاصِبِ نَاقِصٌ لِثُبُوتِهِ مُسْتَنِدًا أَوْ الثَّابِتُ مُسْتَنِدًا ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَالْمِلْكُ النَّاقِصُ يَكْفِي لِنَفَاذِ الْبَيْعِ دُونَ الْعِتْقِ (زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْحُسْنِ أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ (لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي أَوْ الْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ) ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ وَحُكْمُهُمَا هَذَا (وَمَا نَقَصَتْ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ مَضْمُونٌ وَيُجْبَرُ بِوَلَدِهَا) ، أَيْ إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ وَلَدًا كَانَ النُّقْصَانُ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَ فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَفَاءً بِهِ جَبْرُ النُّقْصَانِ بِالْوَلَدِ، وَيَسْقُطُ ضَمَانُهُ عَنْ الْغَاصِبِ، وَإِلَّا فَيَسْقُطُ بِحِسَابِهِ (زَنَى بِأَمَةٍ غَصَبَهَا) فَحَبِلَتْ (فَرُدَّتْ حَامِلًا فَوَلَدَتْ فَمَاتَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهَا كَمَا أَخَذَهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا وَلَمْ يَنْعَقِدْ فِيهَا سَبَبُ التَّلَفِ، وَرَدَّهَا وَفِيهَا ذَلِكَ فَصَارَ كَمَا إذَا جَنَتْ جِنَايَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَقُتِلَتْ بِهَا أَوْ دُفِعَتْ بِهَا بَعْدَ الرَّدِّ، فَإِنَّهَا يُرْجَعُ بِقِيمَتِهَا عَلَى الْغَاصِبِ كَذَا هَذَا (بِخِلَافِ الْحُرَّةِ) يَعْنِي إذَا زَنَى بِهَا رَجُلٌ مُكْرَهَةً فَحَبِلَتْ فَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَإِنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ لِيَبْقَى عِنْدَ فَسَادِ الرَّدِّ ضَمَانُ الْأَخْذِ (زَنَى بِهَا) أَيْ بِأَمَةٍ غَصَبَهَا (وَاسْتَوْلَدَهَا) أَيْ حَبِلَتْ مِنْهُ (فَادَّعَى ثَبَتَ النَّسَبُ) بَعْدَ إرْضَاءِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ التَّضْمِينَ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ التَّضْمِينِ أَوْرَثَ شُبْهَةً، وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ بِهَا كَمَا لَوْ زُفَّتْ لَهُ غَيْرُ امْرَأَتِهِ (وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تَثْبُتَ بِالشُّبْهَةِ كَذَا فِي الْكَافِي (الْمَنَافِعُ) كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَاسْتِخْدَامِ الْمَمْلُوكِ (لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ) صُورَةُ غَصْبِ الْمَنَافِعِ أَنْ يَغْصِبَ عَبْدًا مَثَلًا وَيُمْسِكَهُ شَهْرًا وَلَا يَسْتَعْمِلَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَصُورَةُ إتْلَافِ الْمَنَافِعِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدَ شَهْرًا ثُمَّ يَرُدَّهُ عَلَى سَيِّدِهِ كَذَا فِي الْكَافِي، (بَلْ) يَضْمَنُ (مَا يَنْقُصُ بِاسْتِعْمَالِهِ) فَيَغْرَمُ النُّقْصَانَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمَغْصُوبُ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ لَا يَضْمَنُ (وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ) فَإِنَّ مَنَافِعَهُمَا تُضْمَنُ كَذَا فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ بِلَا مَالِكٍ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ بِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ بِرَدِّ الْعَيْنِ وَقَضَى بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ بِطَرِيقِ الْجُبْرَانِ ثَبَتَ الْمِلْكُ بِهِ لِلْغَاصِبِ شَرْطًا لِلْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ. اهـ.؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ الْمِلْكُ بِلَا مِلْكٍ كَسَدَنَةِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ الْمَالِكُ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الْمَالِكِ ذِكْرُ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى، وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْفَظَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ بَرْهَنَ الْمَالِكُ قُبِلَ وَإِلَّا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ الزِّيَادَةِ) يُشِيرُ إلَى عَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَةِ الْغَاصِبِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ قَالَ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهَا تَنْفِي الزِّيَادَةَ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى النَّفْيِ لَا تُقْبَلُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهِ كَالْمُودِعِ عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ، وَكَانَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُدَّتْ مُشْكِلَةً وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ وَبَيْنَ هَذِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ ظَهَرَ أَيْ الْمَغْصُوبُ وَهِيَ أَيْ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ. . . إلَخْ) كَذَا الْخِيَارُ لِلْمَالِكِ إنْ ظَهَرَ الْمَغْصُوبُ وَقِيمَتُهُ مِثْلَ مَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ أَوْ أَقَلَّ، وَقَدْ ضَمِنَ بِقَوْلِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَلِلْغَاصِبِ حَبْسُ الْعَيْنِ حَتَّى يَأْخُذَ الْقِيمَةَ.
(قَوْلُهُ أَوْ نُكُولِ الْغَاصِبِ) أَيْ عَنْ الْحَلِفِ بِأَنَّ الْقِيمَةَ لَيْسَتْ كَمَا يَدَّعِي الْمَالِكُ (قَوْلُهُ وَمَا نَقَصَتْ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ. . . إلَخْ) هَذَا لَوْ بَقِيَتْ فَإِنْ مَاتَتْ وَبِالْوَلَدِ وَفَاءٌ بِقِيمَتِهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَبْرَأُ بِرَدِّ الْوَلَدِ يُجْبَرُ بِالْوَلَدِ قَدْرَ نُقْصَانِ الْوِلَادَةِ، وَيَضْمَنُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَيْهِ رَدُّ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ كَامِلَةً كَمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ فَرُدَّتْ حَامِلًا فَوَلَدَتْ فَمَاتَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا) يَعْنِي مَاتَتْ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ لَا عَلَى فَوْرِهَا، وَلِذَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ قَيَّدَ بِالْمَوْتِ فِي نِفَاسِهَا لِيَكُونَ الْمَوْتُ فِي أَثَرِ الْوِلَادَةِ اهـ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَمَاتَتْ فِي الْوِلَادَةِ أَوْ فِي النِّفَاسِ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ ظَهَرَ الْحَبَلُ عِنْدَ الْمَوْلَى لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ رَدِّ الْغَاصِبِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْمَوَاهِبِ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعَلُوقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ نَقْصُ الْحَبَلِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ) كَذَا إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلِاشْتِغَالِ بِأَنْ بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ اهـ.
وَيَنْظُرُ مَا لَوْ عَطَّلَ الْمَنْفَعَةَ هَلْ يَضْمَنُ الْأُجْرَةَ كَمَا لَوْ سَكَنَ.