أَيْ مُنْتَفَعًا -

وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَتُعَارُ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ (فَمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً مُطْلَقًا يَحْمِلُ) عَلَيْهَا مَا شَاءَ (وَيُعِيرُ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ (وَيَرْكَبُ) بِنَفْسِهِ (وَيُرْكِبُ) غَيْرَهُ (وَأَيًّا فَعَلَ تَعَيَّنَ وَضَمِنَ بِغَيْرِهِ) حَتَّى لَوْ رَكِبَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ غَيْرَهُ إذَا تَعَيَّنَ رُكُوبُهُ وَلَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ بِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ فَعَلَهُ ضَمِنَ (وَإِنْ أَطْلَقَ) أَيْ الْمُعِيرُ (الِانْتِفَاعَ فِي الْوَقْتِ وَالنَّوْعِ انْتَفَعَ مَا شَاءَ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِيهِ (وَإِنْ قَيَّدَ ضَمِنَ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (بِالْخِلَافِ إلَى شَرٍّ فَقَطْ) التَّقْيِيدَ إمَّا فِي الْوَقْتِ لَا النَّوْعِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ فِيهِمَا، فَإِنْ عَمِلَ عَلَى وِفَاقِ الْقَيْدِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ خَالَفَ إلَى شَرٍّ يَضْمَنُ وَإِلَى مِثْلٍ أَوْ خَيْرٍ لَا -

. (عَارِيَّةُ الثَّمَنَيْنِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ الْمُتَقَارِبِ قَرْضٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ إلَّا بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهَا وَلَا يَمْلِكُ اسْتِهْلَاكَهَا إلَّا إذَا مَلَكَهَا فَاقْتَضَتْ تَمْلِيكَ عَيْنِهَا ضَرُورَةً وَذَلِكَ بِالْهِبَةِ أَوْ الْقَرْضِ وَالْقَرْضُ أَدْنَاهُمَا ضَرَرًا لِكَوْنِهِ مُوجِبًا لِرَدِّ الْمِثْلِ هَذَا (إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْجِهَةَ) أَمَّا إذَا عَيَّنَهَا كَاسْتِعَارَةِ الدَّرَاهِمِ لَيُعِيرَ بِهَا الْمِيزَانَ أَوْ يُزَيِّنَ بِهَا الدُّكَّانَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ فَتَصِيرُ عَارِيَّةً أَمَانَةً لَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِإِهْلَاكِهَا فَكَانَ نَظِيرَ عَارِيَّةِ الْحُلِيِّ وَالسَّيْفِ الْمُحَلَّى وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهَا قَرْضًا بِقَوْلِهِ (فَتُضْمَنُ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ الِانْتِفَاعِ) كَمَا هُوَ حُكْمُ الْقَرْضِ -

[إعَارَةُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ]

(صَحَّ الْإِعَارَةُ) أَيْ إعَارَةُ الْأَرْضِ (لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا مَعْلُومَةٌ تُمْلَكُ بِالْإِجَارَةِ فَتُمْلَكُ بِالْإِعَارَةِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُعِيرِ (أَنْ يَرْجِعَ) ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ (وَيُكَلَّفُ قَلْعُهُمَا) أَيْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ؛ لِأَنَّهُ شَاغِلٌ أَرْضَهُ بِمِلْكِهِ فَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ إلَّا إذَا شَاءَ أَنْ يَأْخُذَهُمَا بِقِيمَتِهِمَا إذَا اسْتَضَرَّتْ الْأَرْضُ بِالْقَلْعِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ لَهُ قِيمَتَهُمَا مَقْلُوعَيْنِ وَيَكُونَانِ لَهُ كَيْ لَا تَتْلَفَ أَرْضُهُ عَلَيْهِ وَيَسْتَبِدَّ ذَلِكَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ أَصْلٍ، وَإِذَا لَمْ تَسْتَضِرَّ بِهِ لَا يَجُوزُ التَّرْكُ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ الِاتِّفَاقُ فِي الْقَلْعِ بَلْ أَيُّهُمَا طَلَبَهُ أُجِيبَ (وَضَمِنَ رَبُّ الْأَرْضِ مَا نَقَصَ) الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ بِالْقَلْعِ (إنْ وَقَّتَ) لِعَارِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَتِهِ حَيْثُ وَقَّتَ لَهُ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ (وَكُرِهَ) أَيْ الرُّجُوعُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ وَقْتٍ عُيِّنَ؛ لِأَنَّ فِيهِ خُلْفَ الْوَعْدِ -

(وَلَوْ أَعَارَ) أَيْ أَرْضَهُ (لِلزَّرْعِ لَا تُؤْخَذُ) أَيْ الْأَرْضُ (حَتَّى يَحْصُدَ) أَيْ الزَّرْعَ أَيْ حَانَ لَهُ أَنْ يَحْصُدَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وَقَّتَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً وَفِي التَّرْكِ مُرَاعَاةُ الْحَقَّيْنِ بِخِلَافِ الْغَرْسِ إذْ لَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَيُقْلَعُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ -

(وَإِذَا كَتَبَ يَكْتُبُ قَدْ أَطْعَمْتَنِي أَرْضَكَ لَا أَعَرْتَنِي) يَعْنِي إذَا أَعَارَ أَرْضًا بَيْضَاءَ لِيَزْرَعَهَا يَكْتُبُ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّك أَطْعَمْتَنِي أَرْضَ كَذَا لِأَزْرَعَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَكْتُبُ أَنَّكَ أَعَرْتَنِي؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ هِيَ الْمَوْضُوعَةُ لِهَذَا الْعَقْدِ وَالْكِتَابَةُ بِالْمَوْضُوعِ أَوْلَى وَلَهُ أَنَّ لَفْظَ الْإِطْعَامِ أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالزِّرَاعَةِ وَإِعَارَةُ الْأَرْضِ تَارَةً تَكُونُ لِلزِّرَاعَةِ وَتَارَةً لِلْبِنَاءِ وَنَصْبِ الْفُسْطَاطِ فَكَانَتْ الْكِتَابَةُ بِلَفْظِ الْإِطْعَامِ أَوْلَى لِيَعْلَمَ أَنَّ غَرَضَهُ الزِّرَاعَةُ -

[التَّوْكِيلُ بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ]

(صَحَّ التَّوْكِيلُ بِرَدِّ الْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ فِعْلًا وَاجِبًا (وَلَوْ تَوَكَّلَ بِهِ) أَيْ بِالرَّدِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً مُطْلَقًا) أَقُولُ يَعْنِي فِي النَّفْعِ وَالزَّمَانِ وَهَذَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْكَافِي ثُمَّ قَالَ فَجَعَلَهُ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَافِي كَالْإِجَارَةِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الْإِطْلَاقُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا مِمَّا يَخْتَلِفُ بِالْمُسْتَعْمَلِ كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَالزِّرَاعَةِ عَلَى مَا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ أُرْكِبَ عَلَيْهَا مَنْ أَشَاءُ وَأُلْبِسَ الثَّوْبَ مَنْ أَشَاءُ كَمَا حُمِلَ الْإِطْلَاقُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَضَمِنَ رَبُّ الْأَرْضِ مَا نَقَصَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ بِالْقَلْعِ) أَقُولُ مَعْنَى قَوْلِهِ ضَمِنَ مَا نَقَصَ أَنْ يُقَوَّمَ قَائِمًا غَيْرَ مَقْلُوعٍ؛ لِأَنَّ الْقَلْعَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

وَفِي الْبُرْهَانِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا وَقْتَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَحِينَ قَلْعِهِمَا ثَمَانِيَةَ يَرْجِعُ بِدِينَارَيْنِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ انْتَهَى ثُمَّ لَوْ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا فِيمَا إذَا وَقَّتَ يَتَمَلَّكُهُمَا بِقِيمَتِهِمَا قَائِمَيْنِ غَيْرَ مَقْلُوعَيْنِ يَعْنِي بِكَمْ يُشْتَرَيَانِ بِشَرْطِ قِيَامِهِمَا إلَى الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَلْعَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَقْتِ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ إلَّا أَنْ يَرْفَعَهُمَا الْمُسْتَعِيرُ وَلَا يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهُمَا فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا مِلْكُهُ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ عَلَى الْمُعِيرِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ، فَإِذَا رَضِيَ كَانَ هُوَ أَحَقَّ بِمِلْكِهِ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمُعِيرُ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِالْقَلْعِ نَقْصًا عَظِيمًا. اهـ. كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَفِي الْخَانِيَّةِ جَزَمَ بِالتَّمَلُّكِ إذَا اسْتَضَرَّتْ

(قَوْلُهُ: وَفِي التَّرْكِ مُرَاعَاةُ الْحَقَّيْنِ) أَقُولُ لَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ إلَّا مُرَاعَاةُ حَقِّ الْمُسْتَعِيرِ فَفِي الْعِبَارَةِ سَقْطٌ وَهُوَ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فِي التَّرْكِ. . . إلَخْ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَنَصَّ فِي الْبُرْهَانِ عَلَى أَنَّ التَّرْكَ بِأَجْرٍ اسْتِحْسَانٌ ثُمَّ قَالَ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْأَرْضَ تُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ إلَى وَقْتِ إدْرَاكِ الزَّرْعِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ انْتَهَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، وَالزَّرْعُ يَقِلُّ بَعْدُ. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015