بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَبِالشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ تَعْرِيفًا لِلْأَعَمِّ لَمْ يَكُنْ تَقْيِيدُ النَّفْعِ وَالْعِوَضِ بِالْمَعْلُومِيَّةِ صَحِيحًا وَمَا اُخْتِيرَ هَاهُنَا تَعْرِيفٌ لِلْأَعَمِّ كَمَا أَنَّ تَعْرِيفَ الْبَيْعِ كَانَ كَذَلِكَ (عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ أَوْ نَفْعٌ) الْأَوَّلَانِ ظَاهِرَانِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَسَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ -
(وَتَنْعَقِدُ بِأَعَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِكَذَا أَوْ وَهَبْتُكَ مَنَافِعَهَا) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِكَذَا وَقَبِلَ الْمُخَاطَبُ كَانَتْ إجَارَةً صَحِيحَةً أَمَّا الْعَارِيَّةُ فَلَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِلَا عِوَضٍ كَانَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً لَا إعَارَةً وَلَوْ قَالَ لَهُ: وَهَبْتُك مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا يَجُوزُ وَيَكُونُ إجَارَةً كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى (وَاخْتُلِفَ فِي انْعِقَادِهَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ) ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ، وَقَالَ: إذَا قَالَ الْحُرُّ لِغَيْرِهِ: بِعْتُ نَفْسِي مِنْكَ شَهْرًا لِعَمَلِ كَذَا فَهُوَ إجَارَةٌ وَعَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ تَنْعَقِدُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ -
(وَيُعْلَمُ النَّفْعُ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ) طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ (كَالسُّكْنَى وَالزِّرَاعَةِ مُدَّةَ كَذَا) أَيْ سُكْنَى الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ أَوْ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ مُدَّةَ كَذَا (أَوْ) بَيَانِ (الْعَمَلِ كَالصِّيَاغَةِ وَالصَّبْغِ) وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا (أَوْ الْإِشَارَةِ) عَطْفٌ عَلَى بَيَانِ أَيْ يُعْلَمُ النَّفْعُ أَيْضًا بِالْإِشَارَةِ (كَنَقْلِ هَذَا إلَى ثَمَّةَ) ، فَإِنَّ النَّفْعَ لَيْسَ بِمُشَارٍ إلَيْهِ لَكِنْ يُعْلَمُ مِنْ الْإِشَارَةِ أَنَّهُ الْفِعْلُ الْمَخْصُوصُ -
(لَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ بِالْعَقْدِ) أَيْ لَا يُمْلَكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُعَاوَضَةٌ وَأَحَدُ الْعِوَضَيْنِ مَنْفَعَةٌ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْآخَرُ مَالٌ وَمُقْتَضَى الْمُعَاوَضَةِ الْمُسَاوَاةُ فَمِنْ ضَرُورَةِ التَّرَاخِي فِي جَانِبِ الْمَنْفَعَةِ التَّرَاخِي فِي الْبَدَلِ (بَلْ بِتَعْجِيلِهِ) بِأَنْ يُعْطِيَهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ هُوَ الْوَاجِبَ بِالْعَقْدِ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ -
(أَوْ شَرْطِهِ) أَيْ شَرْطِ تَعْجِيلِهِ حَالَ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِبُ (أَوْ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الْأَجْرَ حِينَئِذٍ يَجِبُ أَيْضًا (أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ (فَيَجِبُ) أَيْ الْأَجْرُ (لِدَارٍ قُبِضَتْ وَلَمْ تُسْكَنْ) لِوُجُودِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَبِقَوْلِهِ (وَيَسْقُطُ) أَيْ الْأَجْرُ (بِالْغَصْبِ) أَيْ إذَا غَصَبَهَا غَاصِبٌ مِنْ يَدِهِ يَسْقُطُ الْأَجْرُ -
(لِلْمُؤَجِّرِ طَلَبُ الْأَجْرِ لِلدَّارِ وَالْأَرْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ وَلِلدَّابَّةِ لِكُلِّ مَرْحَلَةٍ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَطْلُبَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بِحِسَابِهِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ كَمَا عَرَفْت لَكِنَّهُ يُفْضِي إلَى الْحَرَجِ إذْ لَا يَعْلَمُ حِصَّتَهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ فَرَجَعَ إلَى مَا ذَكَرَ (وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا) يَعْنِي لِلْمُؤَجِّرِ طَلَبُ الْأَجْرِ فِي هَذِهِ الصَّنَائِعِ (إذَا فَرَغَ) أَيْ مِنْ الْعَمَلِ لَا لِكُلِّ يَوْمٍ (وَإِنْ عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ) حَتَّى إذَا عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْعَمَلِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطَيْنِ وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَشُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ إذَا خَاطَ الْبَعْضَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجِبُ الْأَجْرُ لَهُ بِحِسَابِهِ حَتَّى إذَا سَرَقَ الثَّوْبَ بَعْدَ مَا خَاطَ بَعْضَهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِحِسَابِهِ -
(وَالْخَبْزِ فِيهِ) أَيْ لِلْخَبَّازِ طَلَبُ الْأَجْرِ لِلْخَبْزِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ (بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ التَّنُّورِ، فَإِنْ احْتَرَقَ بَعْدَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا غُرْمَ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْأَجْرَ
قَوْلُهُ: أَوْ وَهَبْتُكَ مَنَافِعَهَا) أَقُولُ هَذَا وَلَا تَصِحُّ فِيمَا لَوْ أَرَادَ الْعَقْدَ عَلَى الْمَنَافِعِ لِمَا قَالَهُ فِي الْبُرْهَانِ وَكَذَا يَعْنِي لَا تَنْعَقِدُ بِأُجْرَةِ مَنْفَعَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ بِإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ وَقِيلَ تَنْعَقِدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَقْصُودِ مِنْ إضَافَةِ الْإِجَارَةِ إلَى الْعَيْنِ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَيَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا أُضِيفَتْ إلَى الدَّارِ لَا الْمَنْفَعَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بخواهر زاده إذَا أَضَافَ الْإِجَارَةَ إلَى الْمَنْفَعَةِ جَازَ أَيْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي انْعِقَادِهَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ) أَقُولُ جَزَمَ فِي الْبُرْهَانِ شَرْحِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ فَقَالَ لَا بِبِعْتُ يَعْنِي لَا تَنْعَقِدُ بِبِعْتُ مَنْفَعَتَهَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ فَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكًا بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت مِنْكَ مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ خِدْمَةِ الْعَبْدِ شَهْرًا بِكَذَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ) أَقُولُ يَعْنِي فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ لِمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ بِالْغَصْبِ) أَقُولُ يَعْنِي إذَا غُصِبَتْ كُلَّ الْمُدَّةِ، وَإِنْ بَعْضَهَا فَبِقَدْرِهِ يَسْقُطُ. انْتَهَى. وَفِي انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِالْغَصْبِ اخْتِلَافٌ. اهـ.
وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ بِغَرَقِ الْأَرْضِ قَبْلَ زَرْعِهَا، وَإِنْ اصْطَلَمَهُ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ لَزِمَهُ الْأَجْرُ تَامًّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَرَعَهَا أَوْ يَلْزَمُهُ أَجْرُ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ فَقَطْ وَبِهِ يُفْتَى إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ زَرْعِ مِثْلِهِ فِي الضَّرَرِ ثَانِيًا ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ
(قَوْلُهُ: لِلْمُؤَجِّرِ طَلَبُ الْأَجْرِ لِلدَّارِ. . . إلَخْ) أَقُولُ هَذَا إذَا لَمْ يُؤَقِّتْ فِي الْعَقْدِ وَقْتًا لِطَلَبِهِ، وَإِنْ وَقَّتَ فَلَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ قَبْلَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ: وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا إذَا فَرَغَ) أَقُولُ هَذَا لَوْ عَمِلَ فِي بَيْتِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطَيْنِ إلَخْ) .
أَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا فِي الْبُرْهَانِ وَيَسْتَحِقُّ حِصَّةَ مَا خَاطَ لَوْ عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَشْهُورِ
(قَوْلُهُ لِلْخَبَّازِ طَلَبُ الْأَجْرِ لِلْخَبْزِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ التَّنُّورِ) أَقُولُ وَلَوْ خَبَزَ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْأَجْرَ إلَخْ) لَيْسَ مُنَاسِبًا لِهَذَا الْمَقَامِ بَلْ لِمَا إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ