فَإِنَّهُ أَيْضًا يَفْسُدُ حِينَئِذٍ عَمَلًا بِزَعْمِهِمَا.
(وَإِنْ ذَكَرَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ (الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَاهُ) أَيْ الشَّرْطَ (عَلَى وَجْهِ الْمِيعَادِ جَازَ) أَيْ الْبَيْعُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمُفْسِدِ (وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَوَاعِيدَ قَدْ تَكُونُ لَازِمَةً فَيُجْعَلُ هَذَا الْمِيعَادُ لَازِمًا لِحَاجَةِ النَّاسِ (صَحَّ) بَيْعُ الْوَفَاءِ فِي الْعَقَارِ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ وَاخْتُلِفَ (فِي الْمَنْقُولِ) قِيلَ يَصِحُّ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِخُصُوصِ التَّعَامُلِ.
(كِتَابُ الشُّفْعَةِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْبَيْعِ بِأَنْوَاعِهِ شَرَعَ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ تَأْخِيرِهَا إلَى أَوَاخِرِ الْكِتَابِ كَمَا وَقَعَ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ (هِيَ) لُغَةً مِنْ الشَّفْعِ وَهُوَ الضَّمُّ سُمِّيَتْ بِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ ضَمِّ الْمُشْتَرَاةِ إلَى مِلْكِ الشَّفِيعِ وَشَرْعًا (تَمَلُّكُ الْعَقَارِ) وَهُوَ الضَّيْعَةُ وَقِيلَ مَا لَهُ أَصْلٌ مِنْ دَارٍ أَوْ ضَيْعَةٍ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ (وَمَا فِي حُكْمِهِ) كَالْعُلُوِّ قَالَ فِي الْكَافِي: الْعُلُوُّ يُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ وَتُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ فِي السُّفْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُ الْعُلُوِّ فِي السُّفْلِ لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِالْعَقَارِ بِمَا لَهُ مِنْ حَقِّ الْقَرَارِ (جَبْرًا عَلَى مُشْتَرِيهِ بِمِثْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّمَلُّكِ (مَا قَامَ عَلَيْهِ) مِنْ الثَّمَنِ (وَتَثْبُتُ) أَيْ الشُّفْعَةُ (بَعْدَ الْبَيْعِ لِلْخَلِيطِ) أَيْ الشَّرِيكِ (فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ مَا سَلَّمَهَا تَثْبُتُ لِلْخَلِيطِ (فِي حَقِّهِ) أَيْ حَقِّ الْمَبِيعِ (كَالشُّرْبِ وَالطَّرِيقِ الْخَاصَّيْنِ) مَعْنَى خُصُوصِهِمَا أَنْ يَكُونَ الشُّرْبُ مِنْ نَهْرٍ لَا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّرِيقُ نَافِذًا (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ مَا سَلَّمَهَا تَثْبُتُ (لِجَارٍ مُلَاصِقٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا) لِإِطْلَاقِ مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشُّفْعَةُ لِشَرِيكٍ لَمْ يُقَاسِمْ» وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ وَالْأَرْضِ يُنْتَظَرُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا» وَالْمُرَادُ جَارٌ هُوَ شَرِيكٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي الشُّرْبِ دَلَالَةً لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ بِاعْتِبَارِ الْخُلْطَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ فِي الشُّرْبِ (بَابُهُ فِي السِّكَّةِ أُخْرَى) فَإِنَّ بَابَهُ إنْ كَانَ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ كَانَ خَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ فَلَا يَكُونُ جَارٌ مُلَاصِقًا؛ صُورَتُهُ مَنْزِلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي دَارٍ هِيَ الْقَوْمُ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَنْزِلِ فَالشَّرِيكُ فِي الْمَنْزِلِ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ سَلَمَ فَالشُّرَكَاءُ فِي الدَّارِ أَحَقُّ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي السِّكَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ لِلشَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ فِي صَحْنِ الدَّارِ، فَإِنْ سَلَمُوا فَأَهْلُ السِّكَّةِ أَحَقُّ لِلشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ، فَإِنْ سَلَمُوا فَلِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَهُوَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ هَذَا الْمَنْزِلِ وَبَابُ دَارِهِ فِي سِكَّةٍ أُخْرَى -
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ (وَاضِعَ الْجِذْعِ عَلَى حَائِطِهِ) أَيْ حَائِطِ الْمَبِيعِ (أَوْ شَرِيكًا) لِلْبَائِعِ (فِي خَشَبَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَائِطِ، فَإِنَّ الْجَارَ بِهَذَا الْمِقْدَارِ لَا يَكُونُ خَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ جَارًا مُلَاصِقًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهَا تَغَايُرُهُمَا لِلْجَارِ -
(عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَتَثْبُتُ (لَا قَدْرِ الْمِلْكِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَثْبُتُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ صُورَتُهُ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا وَلِلْآخَرِ سُدُسُهَا وَلِلثَّالِثِ ثُلُثُهَا فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ نَصِيبَهُ وَطَلَبَ الْآخَرَانِ الشُّفْعَةَ قُضِيَ بِالشِّقْصِ الْمَبِيعِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَثْلَاثًا بِقَدْرِ مِلْكِهِمَا، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ قُضِيَ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ قُضِيَ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا وَعِنْدَنَا يُقْضَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي الْكُلِّ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الشُّفْعَةِ) هِيَ حَقُّ الشَّرْعِ نَظَرًا لِمَنْ كَانَ شَرِيكًا أَوْ جَارًا عِنْدَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا إلَخْ) يَعْنِي بِهِ مَنْ تَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ وَسَوَاءٌ كَانَ أُنْثَى أَوْ صَغِيرًا أَوْ مُعْتَقَ الْبَعْضِ وَالْخَصْمُ عَنْ الصِّبْيَانِ فِي الشُّفْعَةِ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ آبَاؤُهُمْ أَوْ أَوْصِيَاءُ الْآبَاءِ عِنْدَ عَدَمِهِمْ وَالْأَجْدَادُ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ عِنْدَ عَدَمِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَوْصِيَاءُ الْأَجْدَادِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْإِمَامُ أَوْ الْحَاكِمُ يُقِيمُ لَهُمْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُمْ فِي الْخُصُومَةِ وَالطَّلَبِ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ
(قَوْلُهُ: إذْ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ) أَقُولُ الصَّوَابُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ هُوَ الَّذِي يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْإِشْهَادِ ابْتِدَاءً فَلَمْ يَبْقَ بُدٌّ مِنْ الْإِشْهَادِ وَعَلَى مَا صَوَّبْنَاهُ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ، فَإِذَا أَشْهَدَ ابْتِدَاءً عَلَى طَلَبِهَا تَيَسَّرَ أَخْذُ الْمَقْصُودِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ لِإِبْطَالِهِ مَا فَرَّعَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ مُنْصِفًا