بِالْوَزْنِيِّ (مُتَفَاضِلًا وَلَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ كَالْجِصِّ) فَإِنَّهُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ (وَالْحَدِيدِ) فَإِنَّهُ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ وَالطَّعْمُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا بَلْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ (وَبِالنَّسَاءِ) عَطْفٌ عَلَى مُتَفَاضِلًا وَبِهِ يَتِمُّ التَّفْرِيعُ (إلَّا أَنْ لَا يَتَّفِقَا) أَيْ الْعِوَضَانِ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ فَحَرُمَ بَيْعُ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ بِجِنْسِهِ (فِي صِفَةِ الْوَزْنِ) بِأَنْ يُوزَنَ بِهِ الْآخَرُ (كَالنُّقُودِ وَالزَّعْفَرَانِ) وَالْقَطْرِ وَالْحَدِيدِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ الْوَزْنَ جَمَعَهُمَا ظَاهِرًا لَكِنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي صِفَةِ الْوَزْنِ وَمَعْنَاهُ وَحُكْمُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ يُوزَنُ بِالْأَمْنَاءِ وَالنُّقُودَ بِالصَّنَجَاتِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ مُثَمَّنٌ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَالنُّقُودَ ثَمَنٌ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِالنُّقُودِ مُوَازَنَةً بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْت هَذَا الزَّعْفَرَانَ بِهَذَا النَّقْدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مِثْلًا وَقَبَضَهُ الْبَائِعُ صَحَّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْوَزْنِ وَلَوْ بَاعَ الزَّعْفَرَانَ عَلَى أَنَّهُ مَنَوَانِ مَثَلًا وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ حَتَّى يُعِيدَ الْوَزْنَ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْوَزْنِ وَمَعْنَاهُ وَحُكْمُهُ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْقَدْرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَتَنْزِلُ الشُّبْهَةُ فِيهِ إلَى شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّ الْمَوْزُونَيْنِ إذَا اتَّفَقَا كَانَ الْمَنْعُ لِلشُّبْهَةِ، وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقَا كَانَ ذَلِكَ شُبْهَةَ الْوَزْنِ وَالْوَزْنُ وَحْدَهُ شُبْهَةٌ فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ (وَحَلَّ) عَطْفٌ عَلَى حَرُمَ أَيْ حَلَّ الْبَيْعُ الْكَيْلِيُّ وَالْوَزْنِيُّ (مُتَسَاوِيًا) بِلَا تَفَاضُلٍ (وَ) حَلَّ أَيْضًا بَيْعُهُمَا (بِلَا قَدْرٍ كَمَا) أَيْ كَبَيْعِ (مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ) فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قَدْرِ الْمَكِيلَاتِ نِصْفُ الصَّاعِ لَا مَا دُونَهُ إذْ لَا تَقْدِيرَ فِي الشَّرْعِ بِمَا دُونَهُ (بِأَقَلَّ مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِالْبَيْعِ الْمُقَدَّرِ أَيْ كَبَيْعِ مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ بِأَقَلَّ مِنْهُ (كَحَفْنَتَيْنِ) مِنْ بُرٍّ (بِحَفْنَةٍ مِنْهُ) فَإِنَّ بَيْعَهُمَا بِهَا جَائِزٌ، وَإِنْ وُجِدَ الْفَضْلُ لِانْتِفَاءِ الْقَدْرِ الشَّرْعِيِّ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا قَدْرٍ أَيْ إنَّمَا يَحِلُّ بَيْعُ الْأَقَلِّ مِنْ الْقَدْرِ الشَّرْعِيِّ بِأَقَلَّ مِنْهُ إذَا كَانَ حَالًّا أَمَّا إذَا كَانَ (بِالنَّسَاءِ) فَلَا يَحِلُّ لِوُجُودِ جُزْءٍ مِنْ الْعِلَّةِ مُحَرِّمٌ لِلنِّسَاءِ وَهُوَ الْجِنْسُ حَتَّى إذَا انْتَفَى الْجِنْسُ أَيْضًا حَلَّ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَلَوْ بِالتَّسَاوِي لِانْتِفَاءِ كُلٍّ مِنْ جُزْأَيْ الْعِلَّةِ كَبَيْعِ حَفْنَةٍ مِنْ بُرٍّ بِحَفْنَتَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ.
(كَذَا حُكْمُ كُلِّ عَدَدِيٍّ مُتَقَارِبٍ) ، فَإِنْ بِيعَ الْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا جَازَ إنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ لِانْعِدَامِ الْمِعْيَارِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ التَّعْيِينُ لَا التَّقَابُضُ) حَتَّى لَوْ بَاعَ بُرًّا بِبُرٍّ بِعَيْنِهِمَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ كَمَا فِي الصَّرْفِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ «يَدًا بِيَدٍ» وَلَنَا أَنَّهُ مَبِيعٌ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ كَالثَّوْبِ وَمَعْنَى يَدًا بِيَدٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ كَذَا رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ كَيْلِيٌّ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَزْنِيٌّ) فَإِنَّ كُلَّ مَا نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهِ كَيْلًا فَهُوَ كَيْلِيٌّ أَبَدًا، وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْكَيْلَ فِيهِ مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ
قَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ فَحَرُمَ بَيْعُ الْوَزْنِيِّ بِجِنْسِهِ) كَانَ الْأَنْسَبُ إسْقَاطَ الْفَاءِ وَيُقَالُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ حَرُمَ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَالْوَزْنِيُّ.
(قَوْلُهُ: كَالنُّقُودِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْقُطْنِ وَالْحَدِيدِ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَالنُّقُودِ مَعَ الزَّعْفَرَانِ أَوْ مَعَ الْقُطْنِ أَوْ مَعَ الْحَدِيدِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ جَوَازِ الْقُطْنِ بِالْحَدِيدِ لِمُقَابَلَتِهِ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ كَمَا إذَا سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ فِي الزَّعْفَرَانِ أَوْ فِي الْقُطْنِ أَوْ الْحَدِيدِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِانْعِدَامِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْقَدْرُ الْمُتَّفِقُ أَوْ الْجِنْسُ أَمَّا الْمُجَانَسَةُ فَظَاهِرُ الِانْتِفَاءِ، وَأَمَّا الْقَدْرُ الْمُتَّفَقُ فَلِأَنَّ وَزْنَ الثَّمَنِ يُخَالِفُ وَزْنَ الْمُثَمَّنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ تُوزَنُ بِالْمَثَاقِيلِ وَالْقُطْنُ وَالْحَدِيدُ يُوزَنَانِ بِالْقَبَّانِ فَلَمْ يَتَّفِقْ الْقَدْرُ فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ) يَعْنِي بِهِ صِفَةَ الْوَزْنِ فِي قَوْلِهِ لَكِنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي صِفَةِ الْوَزْنِ وَمَعْنَاهُ وَحُكْمُهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي) يَعْنِي بِهِ مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّالِثُ) يَعْنِي بِهِ حُكْمُهُ.
(قَوْلُهُ: وَحَلَّ بَيْعُهُمَا أَيْضًا بِلَا قَدْرٍ) يَعْنِي بِلَا بُلُوغٍ قَدْ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ نِصْفُ الصَّاعِ وَبُلُوغُ أَحَدِهِمَا مَانِعٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَدْ أَوْضَحَهُ بِقَوْلِهِ كَبَيْعِ مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قَدْرِ الْمَكِيلَاتِ نِصْفُ الصَّاعِ لَا مَا دُونَهُ. . . إلَخْ)
قَالَ الْكَمَالُ بَاحِثًا وَلَا يَسْكُنُ الْخَاطِرُ إلَى هَذَا بَلْ يَجِبُ بَعْدَ التَّعْلِيلِ بِالْقَصْدِ إلَى صِيَانَةِ أَمْوَالِ النَّاسِ تَحْرِيمُ التُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ وَالْحَفْنَةُ بِالْحَفْنَتَيْنِ، أَمَّا إنْ كَانَتْ مَكَايِيلَ أَصْغَرَ أَيْ مِنْ نِصْفِ الصَّاعِ كَمَا فِي دِيَارِنَا مِنْ وَضْعِ رُبُعِ الْقَدَحِ وَثَمَنِ الْقَدَحِ الْمِصْرِيِّ فَلَا شَكَّ وَكَوْنُ الشَّرْعِ لَمْ يُقَدِّرْ نِصْفَ الْمُقَدَّرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ بِأَقَلَّ مِنْهُ لَا يَسْتَلْزِمُ إهْدَارَ التَّفَاوُتِ الْمُتَيَقَّنِ بَلْ لَا يَحِلُّ بَعْدَ تَيَقُّنِ التَّفَاضُلِ مَعَ تَيَقُّنِ تَحْرِيمِ إهْدَارِهِ وَلَقَدْ أُعْجِبَ غَايَةَ الْعَجَبِ مِنْ كَلَامِهِمْ هَذَا وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَرِهَ التَّمْرَةَ بِالتَّمْرَتَيْنِ وَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ حَرُمَ فِي الْكَثِيرِ فَالْقَلِيلُ مِنْهُ حَرَامٌ. اهـ. كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ) يَعْنِي مُعَيَّنَيْنِ وَلَيْسَ كِلَاهُمَا وَلَا أَحَدُهُمَا دَيْنًا وَالصُّورَةُ رَبَاعِيَةٌ وَتَوْجِيهُهَا بِفَتْحِ الْقَدِيرِ