(مَنْ قَصَدَهُ) أَيْ قَطْعَ الطَّرِيقِ سَوَاءً كَانَ جَمَاعَةً مُمْتَنِعِينَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ فَقَصَدُوهُ أَوْ وَاحِدًا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ فَقَصْدُهُ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي حُبِسَ (مَعْصُومًا) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْقَاصِدِ مَعْصُومَ الدَّمِ بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا فَفِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ خِلَافٌ (عَلَى مَعْصُومٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي قَصْدِهِ أَيْ قَصْدِ الْقَطْعِ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ حَتَّى لَوْ قَطَعَهُ عَلَى مُسْتَأْمَنٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ (فَأَخَذَ) أَيْ أَمْسَكَ (قَبْلَ أَخْذِ شَيْءٍ) مِنْ الْمَارَّةِ (وَ) قَبْلَ (قَتْلٍ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ أَكْثَرَ (حُبِسَ) بَعْدَ التَّعْزِيرِ لِمُبَاشَرَتِهِ مُنْكَرًا (حَتَّى يَتُوبَ) لَا بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ بَلْ بِأَنْ يَظْهَرَ فِيهِ سِيمَا الصُّلَحَاءِ (وَإِنْ أَخَذَ) أَيْ الْقَاصِدُ (مَالًا) وَنَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُ نِصَابٌ (قُطِعَ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ) إنْ كَانَ صَحِيحَ الْأَطْرَافِ كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ (وَإِنْ قَتَلَ بِلَا أَخْذٍ قُتِلَ حَدًّا) لَا قِصَاصًا (فَلَا يَعْفُو عَنْهُ وَلِيٌّ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهِ حَدًّا وَلَوْ كَانَ قِصَاصًا لَعَفَا وَلِيُّ الْقِصَاصِ (وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ) عُطِفَ عَلَى قُتِلَ (أَوْ قُتِلَ) عُطِفَ عَلَى قُطِعَ أَيْ قُتِلَ ابْتِدَاءً بِلَا قَطْعٍ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ (أَوْ صُلِبَ حَيًّا وَيُبْعَجُ) أَيْ يُشَقُّ بَطْنَهُ بِرُمْحٍ (حَتَّى يَمُوتَ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ. أَيْ يُحَارِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُحَارِبُ اللَّه تَعَالَى وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَ فِي الْبَرَارِيِ وَالْفَيَافِي فِي أَمَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِفْظِهِ فَالْمُتَعَرِّضُ لَهُ كَأَنَّهُ يُحَارِبُ اللَّهَ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِهِ التَّوْزِيعُ عَلَى الْأَحْوَالِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْ يُقْتَلُوا إنْ قَتَلُوا. . . إلَخْ لَا التَّخْيِيرُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ مُتَشَبِّثًا بِظَاهِرِهِ إذْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ وَمَنْ قَتَلَ قُتِلَ وَمَنْ أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ صُلِبَ» وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَزَلَ بِهَذَا التَّقْسِيمِ فِي أَصْحَابِ أَبِي بُرْدَةَ (وَيُتْرَكُ) مَصْلُوبًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِيَعْتَبِرَ بِهِ غَيْرُهُ لَا أَكْثَرُ مِنْهَا لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا فَيَتَأَذَّى النَّاسُ بِهِ

(وَمَا أَخَذَ فَتَلِفَ) أَوْ أَتْلَفَ (لَا يَضْمَنُ) يَعْنِي إذَا قَتَلَ الْقَاطِعُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي مَالٍ أَخَذَهُ اعْتِبَارًا بِالسَّرِقَةِ الصُّغْرَى وَقَدْ مَرَّ (وَبِقَتْلِ أَحَدِهِمْ حُدُّوا) لِأَنَّهُ جَزَاءُ الْمُحَارَبَةِ وَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِأَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ رَدًّا لِلْبَعْضِ حَتَّى إذَا زَلَّتْ أَقْدَامُهُمْ انْحَازُوا إلَيْهِمْ وَالشَّرْطُ هُوَ الْقَتْلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقَدْ وُجِدَ (وَحَجَرٌ وَعَصَا لَهُمْ كَالسَّيْفِ) لِأَنَّ قَطْعَ الطَّرِيقِ يَحْصُلُ بِالْقَتْلِ بِأَيِّ آلَةٍ كَانَتْ بَلْ بِمُجَرَّدِ أَخْذِ الْمَالِ أَوْ الْإِخَافَةِ (وَإِنْ جَرَحَ وَأَخَذَ) الْمَالَ (قُطِعَ) أَيْ قُطِعَ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ (وَهُدِرَ جُرْحُهُ) لِأَنَّ الْحَدَّ لَمَّا وَجَبَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى سَقَطَتْ عِصْمَةُ النَّفْسِ حَقًّا لِلْعَبْدِ كَمَا تَسْقُطُ عِصْمَةُ الْمَالِ لِأَنَّ الْقَطْعَ مَعَ الضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ (وَإِنْ جَرَحَ فَقَطْ) أَيْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا جَوَابُ هَذَا الشَّرْطِ قَوْلُهُ الْآتِي فَلَا حَدَّ (أَوْ قَتَلَ عَمْدًا) بِحَدِيدَةٍ (وَأَخَذَ الْمَالَ فَتَابَ) قَبْلَ أَنْ يُمْسَكَ (أَوْ كَانَ فِيهِمْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) أَيْ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ (أَوْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَارَّةِ أَوْ قَطَعَ بَعْضُ الْمَارَّةِ عَلَى الْبَعْضِ أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِمِصْرٍ أَوْ بَيْنَ مِصْرَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ فَلَا حَدَّ) أَمَّا سُقُوطُهُ إذَا جَرَحَ فَقَطْ فَلِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ فَلَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَنْ قَصَدَهُ مَعْصُومًا) شَامِلٌ لِلْعَبْدِ أَوْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ لِأَنَّ الْوَاجِبَ قَتْلٌ وَقَطْعٌ وَهِيَ كَالرَّجُلِ فِي جَرَيَانِ كُلٍّ عَلَيْهَا عِنْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ مِنْهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ قَطَعَهُ عَلَى مُسْتَأْمَنٍ لَا يَجِبُ الْحَدُّ) أَيْ وَيَضْمَنُ الْمَالَ بِثُبُوتِ عِصْمَةِ مَالِهِ حَالًّا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحَدِّ بِالْقَطْعِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ فِيمَا إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَمَّا إذَا كَانَ مَعَ الْقَافِلَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْقُطَّاعِ وَلَا يَصِيرُ شُبْهَةً بِخِلَافِ اخْتِلَاطِ ذِي الرَّحِمِ بِالْقَافِلَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَنَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُ نِصَابٌ) أَيْ قَدْرُ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ كَمَا فِي السَّرِقَةِ الصُّغْرَى (قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ الْجَمْعُ بَيْنَ جَمِيعِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَعَطْفُهُ الْقَتْلَ بِثُمَّ ظَاهِرٌ فِي إفَادَةِ تَقْدِيمِ الْقَطْعِ عَلَى الْقَتْلِ.

وَفِي الْفَتْحِ وَالْبُرْهَانِ عَطْفُهُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ أَوْ صُلِبَ حَيًّا) كَيْفِيَّةُ الصَّلْبِ أَنْ تُغْرَزَ خَشَبَةٌ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُرْبَطَ عَلَيْهَا خَشَبَةٌ أُخْرَى عَرْضًا فَيَضَعُ قَدَمَيْهِ عَلَيْهَا وَيَرْبِطَ مِنْ أَعْلَاهَا خَشَبَةً أُخْرَى وَيَرْبِطَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ وَيَبْعَجُ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ ثُمَّ يُطْعَنُ بِالرُّمْحِ فِي ثَدْيِهِ الْأَيْسَرِ وَيُخَضْخَضُ بَطْنُهُ بِرُمْحٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ (قَوْلُهُ أَيْ يُحَارِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ) قَالَ الْكَمَالُ أَيْ يُحَارِبُونَ عِبَادَ اللَّهِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَقْدِيرِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَثْبُتُ بِالْقَطْعِ عَلَى الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ ثُمَّ قَوْله تَعَالَى {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] مُحَارَبَتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَّا بِاعْتِبَارِ عِصْيَانِ أَمْرِهِ وَإِمَّا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْحَافِظُ لِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْخُلَفَاءُ وَالْمَمْلُوكُ بَعْدَهُ نُوَّابُهُ وَإِذَا قَطَعَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَوَلَّى حِفْظَهَا بِنَفْسِهِ وَنَائِبِهِ فَقَدْ حَارَبَهُ (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى خَشَبَتِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ وَيَسْقُطَ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِرْدَاعِ

(قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي مَالٍ أَخَذَهُ) كَذَا لَا يَضْمَنُ مَا قَتَلَ وَمَا جَرَحَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَبِقَتْلِ أَحَدِهِمْ حُدُّوا) أَوْ قَالَ وَبِمُبَاشَرَةِ أَحَدِهِمْ حُدُّوا لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ غَيْرَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ فِيهِمْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) كَذَا لَوْ كَانَ أَخْرَسَ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ أَوْ مِصْرَيْنِ) أَيْ بَيْنَ مِصْرَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ قَطَعَ بَعْضُ الْمَارَّةِ. . . إلَخْ) لَوْ قَالَ بَعْضُ الْقَافِلَةِ لَكَانَ صَوَابًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015