لَا تُشْتَهَى وَالْمَيِّتَةُ وَالْبَهَائِمُ فَإِنَّ وَطْأَهَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ (خَالٍ عَنْ مِلْكٍ) أَعَمُّ مِنْ مِلْكِ النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ (وَشُبْهَتِهِ) وَيَدْخُلُ فِيهِ شُبْهَةُ الِاشْتِبَاهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا (عَنْ طَوْعٍ) خَرَجَ بِهِ زِنَا الْمُكْرَهِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ يُسْقِطُ الْحَدَّ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ هَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَأَمَّا زِنَا الْمَرْأَةِ فَعِبَارَةُ عَنْ تَمْكِينِهَا لِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَيَثْبُتُ) أَيْ الزِّنَا (بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ) مِنْ الرِّجَالِ (فِي مَجْلِسٍ) وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ شَهِدُوا مُتَفَرِّقِينَ لَمْ تُقْبَلْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (بِالزِّنَا) مُتَعَلِّقٌ بِالشَّهَادَةِ أَيْ بِشَهَادَةٍ مُلْتَبِسَةٍ بِلَفْظِ الزِّنَا لِأَنَّهُ الدَّالُّ عَلَى الْفِعْلِ الْحَرَامِ أَوْ مَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (لَا) مُجَرَّدُ لَفْظِ (الْوَطْءِ وَالْجِمَاعِ) فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ (فَيَسْأَلُهُمْ الْإِمَامُ عَنْهُ مَا هُوَ) أَيْ عَنْ مَاهِيَّتِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَنْ كُلِّ وَطْءٍ حَرَامٍ وَأَيْضًا أَطْلَقَهُ الشَّارِعُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْفِعْلِ نَحْوُ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ» (وَكَيْفَ هُوَ) فَإِنَّ الْوَطْءَ قَدْ يَقَعُ بِلَا الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ (وَأَيْنَ زَنَى) فَإِنَّ الزِّنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ (وَمَتَى زَنَى) فَإِنَّ الْمُتَقَادِمَ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ (وَبِمَنْ زَنَى) فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي وَطْئِهَا شُبْهَةٌ (فَإِنْ بَيَّنُوهُ وَقَالُوا رَأَيْنَاهُ وَطِئَهَا فِي فَرْجِهَا كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ) بِضَمَّتَيْنِ وِعَاءُ الْكُحْلِ (وَعُدِّلُوا سِرًّا وَعَلَنًا) وَلَمْ يُكْتَفَ بِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ (حَكَمَ) أَيْ الْإِمَامُ (بِهِ) أَيْ بِثُبُوتِ الزِّنَا وَبِإِقْرَارِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِشَهَادَةِ اشْتِرَاطِ الْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ إذْ لَا اعْتِبَارَ لِقَوْلِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ خُصُوصًا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ لَا الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ يُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَلَا الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ بِالزِّنَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَيْهِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا خِلَافًا لِزُفَرَ (أَرْبَعًا) أَيْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ (فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ) مِنْ مَجَالِسِ الْمُقِرِّ لَا الْحَاكِمِ لِقِصَّةِ مَاعِزٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَ الْإِقَامَةَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ فَلَوْ ظَهَرَ دُونَهَا لَمَا أَخَّرَهَا لِثُبُوتِ الْوُجُوبِ (رَدَّهُ كُلَّ مَرَّةٍ إلَّا) مَرَّةً (رَابِعَةً) فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ مَرَّةً رَابِعَةً قَبِلَهُ الْإِمَامُ (ثُمَّ سَأَلَهُ كَمَا مَرَّ) قِيلَ إلَّا فِي السُّؤَالِ عَنْ مَتَى لِأَنَّهُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّقَادُمِ وَهُوَ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ لَا الْإِقْرَارَ وَقِيلَ يُسْأَلُ عَنْهُ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فِي الصِّبَا (فَإِنْ بَيَّنَهُ نُدِبَ تَلْقِينُهُ رُجُوعَهُ بِلَعَلَّكَ لَمَسْت أَوْ قَبَّلْت أَوْ وَطِئْت بِشُبْهَةٍ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ حَدِّهِ أَوْ فِي وَسَطِهِ خُلِّيَ وَإِلَّا حُدَّ وَهُوَ) أَيْ حَدُّ الزِّنَا نَوْعَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَشُبْهَتِهِ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى وَشُبْهَةٍ بِالتَّنْكِيرِ وَهُوَ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَشْمَلَ مِنْهَا مُعَرَّفَةً بِالْإِضَافَةِ إلَى الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ لِلْمُلْكِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ شَهِدُوا مُتَفَرِّقِينَ لَمْ تُقْبَلْ) يَعْنِي مُتَفَرِّقِينَ حَالَ مَجِيئِهِمْ وَشَهَادَتِهِمْ وَيُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ كَمَا فِي الْإِيضَاحِ وَأَمَّا إذَا حَضَرُوا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي وَجَلَسُوا مَجْلِسَ الشُّهُودِ وَقَامُوا إلَى الْقَاضِي وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَشَهِدُوا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الشَّهَادَةُ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَمَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ الزِّنَا لِأَنَّهُ الدَّالُّ عَلَى فِعْلِ الْحَرَامِ) يَعْنِي الدَّلَالَةَ بِالْوَضْعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ بِخِلَافِ الْوَطْءِ وَالْجِمَاعِ لِأَنَّهُمَا مُحْتَمَلَانِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ) عَطْفٌ عَلَى بِلَفْظِ الزِّنَا وَيُنْظَرُ هَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ لَفْظِ الزِّنَا مَعَ لَفْظٍ يُفِيدُ مَعْنَاهُ أَوْ لَا فَلْيُحَرَّرْ وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ (قَوْلُهُ أَيْ عَنْ مَاهِيَّتِهِ) أَيْ حَقِيقَتِهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ تَعْرِيفُهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الزِّنَا وَطْءٌ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَيْفَ هُوَ فَإِنَّ الْوَطْءَ يَقَعُ بِلَا الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ لِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ لِتَصَوُّرِهِ بِدُونِهِمَا فِي الدُّبُرِ لَكِنَّ الْكَيْفَ هُوَ أَنْ يَكُونَ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا (قَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنُوهُ. . . إلَخْ)
قَالَ الْكَمَالُ وَبَقِيَ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَنَقَلَ إجْمَاعَ الْفُقَهَاءِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِحُرْمَتِهِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ وَيَنْفِي هَذَا يَعْنِي الِاشْتِرَاطَ مَسْأَلَةُ الْحَرْبِيِّ إذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ دَارَ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ فَزَنَى وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا حَلَالٌ لِي لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيُحَدُّ وَإِنْ كَانَ فَعَلَهُ أَوَّلَ يَوْمٍ دَخَلَ الدَّارَ لِأَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ لَا تَخْتَلِفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَكَيْفَ يُقَالُ إذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ أَصْلِيٌّ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حُرْمَةَ الزِّنَا لَا يُحَدُّ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ الْحَدِّ اهـ.
(قَوْلُهُ الْمُكْحُلَةُ بِضَمَّتَيْنِ) يَعْنِي ضَمَّ الْمِيمِ وَالْحَاءِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَعُدِّلُوا سِرًّا) هُوَ أَنْ يَبْعَثَ وَرَقَةً فِيهَا أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ مَحَلَّتِهِمْ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَيَّزُ كُلٌّ مِنْهُمْ لِمَنْ يَعْرِفُهُ فَيَكْتُبُ تَحْتَ اسْمِهِ هُوَ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ حُكِمَ بِهِ أَيْ بِثُبُوتِ الزِّنَا) وَالْمُرَادُ الْحُكْمُ بِمُوجَبِ الزِّنَا (قَوْلُهُ وَعَلَنًا) هُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمُعَدِّلِ وَالشَّاهِدِ فَيَقُولُ هَذَا هُوَ الَّذِي عَدَّلْته كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سَأَلَ عَنْهُ أَيْضًا) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ الْمَعْلُومَةِ