سَوَاءٌ (مَلَكَهُ) أَيْ الْمُخَاطَبُ ذَلِكَ الثَّوْبَ (أَوْ لَا) بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ ثَوْبًا لَك فَإِنَّهُ يَقْتَضِي كَوْنَهُ مِلْكًا لَهُ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ تَعَلَّقَ اللَّامُ) أَيْ قَارَنَ (بِعَيْنٍ أَوْ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُهَا) أَيْ النِّيَابَةَ (كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَدُخُولٍ وَضَرْبِ الْوَلَدِ) احْتِرَازٌ عَنْ ضَرْبِ الْغُلَامِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ نِيَابَةَ الْغَيْرِ (اقْتَضَى مِلْكُهُ) أَيْ مِلْكُ الْمُخَاطَبِ لِأَنَّهُ كَمَالُ الِاخْتِصَاصِ (فَحَنِثَ فِي إنْ بِعْتُ ثَوْبًا لَك إنْ بَاعَهُ) أَيْ ثَوْبَهُ (بِلَا أَمْرِهِ) عَلِمَ بِهِ الْبَائِعُ أَوْ لَا بِأَنْ أَخْفَى الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ فِي ثِيَابِ الْحَالِفِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هَذَا نَظِيرُ التَّعْلِيقِ بِالْعَيْنِ وَأَمَّا نَظِيرُ التَّعْلِيقِ بِفِعْلٍ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فَنَحْوُ إنْ أَكَلْت لَك طَعَامًا أَوْ شَرِبْتُ لَك شَرَابًا اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ مِلْكَ الْمُخَاطَبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ أَكَلْت طَعَامًا أَوْ شَرِبْتُ شَرَابًا لَك فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْأَكْلِ صُورَةً مُتَعَلِّقٌ بِالطَّعَامِ مَعْنًى وَأَمَّا ضَرْبُ الْوَلَدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ بَلْ يُرَادُ بِهِ الِاخْتِصَاصُ
(وَقَالَتْ) امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا (نَكَحْتَ عَلَيَّ امْرَأَةً فَقَالَ) الزَّوْجُ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي فَكَذَا طَلُقَتْ الْقَائِلَةُ) لِدُخُولِهَا تَحْتَ كُلِّ امْرَأَةٍ (وَصَحَّ نِيَّةُ غَيْرِهَا) لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ هَذَا الْكَلَامَ لِإِرْضَائِهَا وَمُرَادُهُ غَيْرَهَا لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَيَصْدُقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً.
(كِتَابُ الْحُدُودِ) (الْحَدُّ) لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا (عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ) خَرَجَ بِهِ التَّعْزِيرُ إذْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ فَإِنَّ أَكْثَرَهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سَوْطًا وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (تَجِبُ) أَيْ عَلَى الْإِمَامِ إقَامَتُهَا (حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى) فَإِنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْ شَرْعِهِ الِانْزِجَارُ عَمَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْعِبَادُ خَرَجَ بِهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ (وَالزِّنَا) الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ (وَطْءُ مُكَلَّفٍ) خَرَجَ بِهِ وَطْءُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْوَطْءُ يَتَنَاوَلُ الْإِيلَاجَ الْمُجَرَّدَ عَنْ الْإِنْزَالِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ هَاهُنَا كَمَا فِي الْجِنَايَةِ (فِي قَبَّلَ مُشْتَهَاةً) خَرَجَ بِهِ وَطْءُ غَيْرِ الْمُشْتَهَاةِ كَصَغِيرَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ هَذَا نَظِيرُ التَّعْلِيقِ بِالْعَيْنِ) أَيْ التَّعْلِيقُ وَالْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ مَتْنًا فَحَنِثَ فِي إنْ بِعْت ثَوْبًا لَك (قَوْلُهُ وَأَمَّا نَظِيرُ التَّعْلِيقِ بِفِعْلٍ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ. . . إلَخْ) تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ اللَّامِ عَلَى مَفْعُولِ الْفِعْلِ أَوْ تَقَدُّمِ مَفْعُولِ الْفِعْلِ عَلَيْهَا لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ أَعَنَى الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالدُّخُولَ وَضَرْبَ الْوَلَدِ مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ فَوَجَبَ صَرْفُ اللَّازِمِ إلَى مَا يُمْلَكُ وَهُوَ الْعَيْنُ بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا يُمْلَكُ فَرَجَّحْنَا بِالْقُرْبِ ثَمَّةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا لَوْ نَوَى بِأَحَدِهِمَا الْآخَرَ كَمَا لَوْ نَوَى بِبِعْتُ لَك ثَوْبًا بِعْت ثَوْبًا لَك أَوْ عَكْسَهُ وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ لَا فِيمَا فِيهِ تَخْفِيفٌ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ بِتَأْخِيرِ اللَّازِمِ عَنْ مَحَلِّهِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَبِتَقْدِيمِهِ عَلَى مَحَلِّهِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْكَلَامُ يَحْتَمِلُ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ نَوَى مَا فِيهِ تَخْفِيفٌ صُدِّقَ دِيَانَةً لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدِّيَانَةِ وَالْقَضَاءِ لَا يَتَأَتَّى فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا مُطَالِبَ لَهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَصَحَّ نِيَّةُ غَيْرِهَا دِيَانَةً لَا قَضَاءً) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَضَاءً أَيْضًا لِأَنَّ كَلَامَهُ خَرَجَ جَوَابًا لَهَا فَتَقَيَّدَ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ وَهُوَ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَاخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ بِهِ أَخَذَ مَشَايِخُنَا.
وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحَكَّمَ الْحَالُ إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا مُشَاجَرَةٌ وَخُصُومَةٌ تَدُلُّ عَلَى غَضَبِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَقَعُ كَذَا فِي الْبَحْرِ
(تَنْبِيهٌ) : مِنْ حَلِفِ الْقَوْلِ لَا أَدَعُهُ يَدْخُلُ الْبَلَدَ يَبَرُّ فِيهِ بِالْمَنْعِ قَوْلًا أَطَاعَهُ أَوْ عَصَاهُ وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ تَمَّ كِتَابُ الْأَيْمَانِ بِفَضْلِ الْمَلِكِ الْمَنَّانِ التَّأْلِيفُ فِي أَوَاخِرِ رَبِيعٍ الثَّانِي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَلْفٍ خُتِمَتْ بِخَيْرٍ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
[كِتَابُ الْحُدُودِ]
(كِتَابُ الْحُدُودِ) (قَوْلُهُ فَإِنَّ أَكْثَرَهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ. . . إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ تَقْدِيرِهِ لِأَنَّ مَا بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ لَيْسَ بِمُقَدَّرٍ وَلِأَنَّهُ يَكُونُ بِغَيْرِ الضَّرْبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ يَجِبُ أَيْ عَلَى الْإِمَامِ إقَامَتُهَا) يَعْنِي بَعْدَ ثُبُوتِ السَّبَبِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَعَلَيْهِ ابْتَنَى عَدَمُ جَوَازِ الشَّفَاعَةِ فِيهِ فَإِنَّهَا طَلَبُ تَرْكِ الْوَاجِبِ وَأَمَّا قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى الْإِمَامِ وَالثُّبُوتِ عِنْدَهُ تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَ الرَّافِعِ لَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُطْلِقَهُ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَقَالَ إذَا بَلَغَ إلَى الْإِمَامِ فَلَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ إنْ عَفَا كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْ شَرْعِهِ الِانْزِجَارُ) يَعْنِي الِانْزِجَارَ بَعْدَهُ لِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْعِلْمَ بِشَرْعِيَّةِ الْحُدُودِ مَانِعٌ قَبْلَ الْفِعْلِ زَاجِرٌ بَعْدَهُ يَمْنَعُ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهِ وَلَيْسَ الْحَدُّ كَفَّارَةً لِلْمَعْصِيَةِ بَلْ التَّوْبَةُ هِيَ الْمُسْقِطَةُ عَنْهُ عَذَابَ الْآخِرَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ خَرَجَ بِهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ) وَكَذَا خَرَجَ بِهِ التَّعْزِيرُ أَيْضًا وَإِنْ خَرَجَ بِقَيْدِ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ وَالزِّنَا) مَقْصُورٌ فِي اللُّغَةِ الْفُصْحَى لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] وَيُمَدُّ فِي لُغَةِ نَجْدٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ ثُمَّ هَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ جَامِعٍ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ نَاطِقٍ بِنَاطِقَةٍ بِدَارِنَا تَحْتَ وِلَايَةِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَأَنْ لَا يَظْهَرَ بِهِ جَبٌّ أَوْ رَتْقٌ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ لِأَنَّهُ هَذِهِ شُرُوطٌ وَهِيَ زَائِدَةٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ وَطْءُ مُكَلَّفٍ) لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِإِيلَاجِهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْتَلْقِيًا فَأَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا لَزِمَهُمَا الْحَدُّ (قَوْلُهُ فِي قُبُلِ مُشْتَهَاةٍ. . . إلَخْ) قَدَّمَ فِي مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ قَيْدَ الْحَيَاةِ مَتْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ قَيْدَ الِاشْتِهَاءِ هُنَاكَ وَاكْتَفَى بِهِ هُنَا لِدَلَالَةِ الِاشْتِهَاءِ عَلَى الْحَيَاةِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهُ كَذَلِكَ ثَمَّةَ