إسْلَامِ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْفُرْقَةِ وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ مُتَعَذِّرٌ لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْفُرْقَةِ دَفْعًا لِلْفَسَادِ فَأَقَمْنَا شَرْطَهَا وَهُوَ مُضِيُّ الْحَيْضِ مَقَامَ السَّبَبِ كَمَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَإِنَّمَا قُلْنَا أَوْ امْرَأَةِ الْكِتَابِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا كَانَ هُوَ الزَّوْجُ وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا
(أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ لَمْ تَبِنْ) ؛ إذْ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا ابْتِدَاءً فَالْبَقَاءُ أَوْلَى (تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ سَبَبُ الْفُرْقَةِ لَا السَّبْيُ) حَتَّى لَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا إلَيْنَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ أَسْلَمَ أَوْ عَقَدَ عَقْدَ الذِّمَّةِ فِي دَارِنَا أَوْ سُبِيَ وَأُدْخِلَ فِيهَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ سُبِيَا مَعًا لَمْ تَقَعْ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ سَبَبُهَا السَّبْيُ لَا التَّبَايُنُ
(حَائِلٌ) هِيَ ضِدُّ الْحَامِلِ (هَاجَرَتْ) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَيْنَا مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً أَوْ أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ صَارَتْ ذِمِّيَّةً (تُنْكَحُ بِلَا عِدَّةٍ) بِخِلَافِ الْحَامِلِ حَيْثُ لَا تُنْكَحُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَجْهُ جَوَازِ النِّكَاحِ قَوْله تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] حَيْثُ أَبَاحَ نِكَاحَ الْمُهَاجِرَةِ مُطْلَقًا فَتَقْيِيدُهُ بِمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ وَهُوَ فَسْخٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ
(ارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (فَسْخٌ عَاجِلٌ) لِلنِّكَاحِ غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى الْحُكْمِ وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ فَسْخًا أَنَّ عَدَدَ الطَّلَاقِ لَا يُنْتَقَصُ بِهِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ فَطَلَاقٌ (فَلِلْمَوْطُوءَةِ كُلُّ الْمَهْرِ) سَوَاءٌ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ بِالدُّخُولِ فَلَا يُتَصَوَّرُ سُقُوطُهُ (وَلِغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ (النِّصْفُ) أَيْ نِصْفُ الْمَهْرِ (لَوْ ارْتَدَّ) الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ تُوجِبُ نِصْفَ الْمَهْرِ (وَلَا شَيْءَ) مِنْ الْمَهْرِ لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ (لَوْ ارْتَدَّتْ) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِمَعْصِيَةٍ تُوجِبُ سُقُوطَهُ (وَالْإِبَاءُ نَظِيرُهُ) أَيْ نَظِيرُ الِارْتِدَادِ حَتَّى إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ يَجِبُ الْمَهْرُ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ مِنْهُ يَجِبُ النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ (ارْتَدَّا وَأَسْلَمَا مَعًا لَمْ تَبِنْ، وَلَوْ أَسْلَمَا مُتَعَاقِبًا بَانَتْ) فَإِنَّ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفُرْقَةُ طَلَاقٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ،.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَسْخٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْفُرْقَةِ) يُرِيدُ بِهِ أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْإِبَاءُ عَنْ الْإِسْلَامِ بِشَرْطِ مُضِيِّ الْحَيْضِ أَوْ الْأَشْهُرِ فِيمَنْ لَا تَحِيضُ.
(قَوْلُهُ: وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ مُتَعَذِّرٌ) عَدَلَ بِهِ عَنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَالْعَرْضُ عَلَى الْإِسْلَامِ مُتَعَذِّرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوضَ عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَعْقِلَ وَنَظِيرُهُ فِي اللُّغَةِ عَرَضَتْ النَّاقَةُ عَلَى الْحَوْضِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَهَذَا مِمَّا لَا يُشَجِّعُ عَلَيْهِ إلَّا أَفْرَادُ الْبُلَغَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَأَقَمْنَاهُ شَرْطَهَا) أَيْ شَرْطَ الْفُرْقَةِ وَهُوَ مُضِيُّ الْحَيْضِ مَقَامَ السَّبَبِ يَعْنِي بِهِ الْإِبَاءَ عَنْ الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ أَيْ السَّبَبُ تَفْرِيقُ الْقَاضِي عِنْدَ إبَاءِ الزَّوْجِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ سَبَبٌ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ هُوَ الْإِبَاءُ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ) يَعْنِي بِهِ أَنَّ لِلْإِضَافَةِ إلَى الشَّرْطِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِضَافَةِ إلَى الْعِلَّةِ نَظِيرًا فِي الشَّرْعِ وَهُوَ حَافِرُ الْبِئْرِ فِي الطَّرِيقِ يُضَافُ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِالسُّقُوطِ فِيهِ إلَى الْحَفْرِ وَهُوَ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ ثِقَلُ الْوَاقِعِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ لِكَوْنِهِ طَبِيعِيًّا فَأُضِيفَ إلَى الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَفْرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُعَارِضْهُ الْعِلَّةُ وَمَوْضِعُهُ أُصُولُ الْفِقْهِ
(قَوْلُهُ: تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ سَبَبُ الْفُرْقَةِ) يَعْنِي تَبَايُنُهُمَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا؛ لِأَنَّ بِهِ لَا تَنْتَظِمُ الْمَصَالِحُ حَتَّى لَوْ نَكَحَ مُسْلِمٌ حَرْبِيَّةً كِتَابَةً ثَمَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ عَنْهَا بَانَتْ عِنْدَنَا، وَلَوْ خَرَجَتْ قَبْلَ الزَّوْجِ لَمْ تَبِنْ، كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ وَعَلَّلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ التَّبَايُنَ وَإِنْ وُجِدَ حَقِيقَةً لَمْ يُوجَدْ حُكْمًا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَالزَّوْجُ مِنْ أَهْلِهَا حُكْمًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْرَجَهَا أَحَدٌ كُرْهًا فَإِنَّهَا تَبِينُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا لِتَحَقُّقِ التَّبَايُنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا؛ لِأَنَّهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكْمًا وَزَوْجَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حُكْمًا، وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ لَمْ تَبِنْ زَوْجَتُهُ اهـ.
وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَأْسُورَةَ لَا تَبِينُ بِهِ لِعَدَمِ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حُكْمًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ حُكْمًا فَلْيُتَأَمَّلْ فِيمَا يُخَالِفُ هَذَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ
(قَوْلُهُ: حَائِلٌ هَاجَرَتْ تُنْكَحُ بِلَا عِدَّةٍ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَجْهُ جَوَازِ النِّكَاحِ قَوْله تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 235] التِّلَاوَةُ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ بِالْوَاوِ لَا بِالْفَاءِ
(قَوْلُهُ: ارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا فَسْخٌ فِي الْحَالِ) جَوَابُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَامَّةُ مَشَايِخِ بُخَارَى أَفْتَى بِهِ وَتُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَعَلَى تَجْدِيدِ النِّكَاحِ مَعَ زَوْجِهَا بِمَهْرٍ يَسِيرٍ، وَلَوْ دِينَارًا وَلِكُلِّ قَاضٍ فِعْلُ ذَلِكَ رَضِيَتْ أَمْ لَا وَتُعَزَّرُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ وَبَعْضُ مَشَايِخِ بَلْخِي وَسَمَرْقَنْدَ أَفْتَوْا بِعَدَمِ الْفُرْقَةِ بِرِدَّتِهَا حَسْمًا لِاحْتِيَالِهَا عَلَى الْخَلَاصِ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ.
(قَوْلُهُ: وَالْإِبَاءُ نَظِيرُهُ) فِيهِ اسْتِدْرَاكٌ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا مَهْرَ فِي هَذَا أَيْ إبَائِهَا إلَّا لِلْمَوْطُوءَةِ.
(قَوْلُهُ: ارْتَدَّا وَأَسْلَمَا مَعًا لَمْ تَبِنْ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَعًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُمَا ارْتَدَّا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ سَبْقَ أَحَدِهِمَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ، وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ سَبْقَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي الرِّدَّةِ جَعَلَ الْحُكْمَ كَأَنَّهُمَا وُجِدَا مَعًا كَمَا فِي الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ مَنْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ هُنَّ كِتَابِيَّاتٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقَدَةٍ