تَحْقِيقِهِ فِي الْأُصُولِ (وَالْوَلَاءُ لَهَا وَيَقَعُ عَنْ كَفَّارَتِهَا إنْ نَوَتْ) لِكَوْنِهَا مُعْتَقَةً (وَلَوْ تَرَكَتْ) الْحُرَّةُ (الْبَدَلَ) أَيْ لَا تَقُولُ بِأَلْفٍ (لَمْ يَفْسُدْ) النِّكَاحُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ (وَالْوَلَاءُ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَقُ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ
، ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ نِكَاحِ الرَّقِيقِ شَرَعَ فِي نِكَاحِ الْكَافِرِ فَقَالَ (أَسْلَمَ الْمُتَزَوِّجَانِ بِلَا شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ مُعْتَقِدَيْنِ ذَلِكَ إقْرَارًا عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَا) أَيْ الْمُتَزَوِّجَانِ اللَّذَانِ أَسْلَمَا (مُحْرِمَيْنِ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الْمُحْرِمَيْنِ أَوْ تَرَافَعَا) أَيْ عَرَضَا أَمْرَهُمَا إلَيْنَا وَهُمَا عَلَى الْكُفْرِ (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ لِلْمَحْرَمِيَّةِ وَمَا يَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ يَسْتَوِي فِيهِ الِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ (وَبِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا) أَيْ لَا يُفَرَّقُ؛ إذْ بِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْآخَرِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ وِلَايَةُ إلْزَامِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ
(الْوَلَدُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا) فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا فَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا فَهُوَ كِتَابِيٌّ؛ لِأَنَّهُ أَنْظَرُ لَهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ الدَّارُ بِأَنْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ الْوَالِدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ حُكْمًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْوَالِدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ لَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا؛ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْوَالِدُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَالْمَجُوسِيُّ وَمِثْلُهُ) كَالْوَثَنِيِّ وَسَائِرِ أَهْلِ الشِّرْكِ (شَرٌّ مِنْ الْكِتَابِيِّ) ؛ إذْ لَهُ دِينٌ سَمَاوِيٌّ دَعْوَى وَلِهَذَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَيَجُوزُ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ الْمَجُوسِيُّ شَرًّا حَتَّى إذَا وُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يَكُونُ كِتَابِيًّا تَبَعًا
(وَفِي إسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْمَجُوسِيَّيْنِ أَوْ امْرَأَةِ الْكِتَابِيِّ يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ أَسْلَمَ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا فُرِّقَ) بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْإِبَاءِ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقِيمُ فِي الْمَجُوسِيَّيْنِ؛ إذْ بِإِسْلَامِ أَحَدُهُمَا مُطْلَقًا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْإِبَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَا كِتَابِيَّيْنِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، وَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا لِجَوَازِ تَزَوُّجِهَا لِلْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً، وَكَذَا إذَا كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَالزَّوْجُ مَجُوسِيٌّ فَأَسْلَمَ لِمَا ذَكَرْنَا (وَإِبَاؤُهُ طَلَاقٌ لَا إبَاؤُهَا) يَعْنِي إذَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ الْإِبَاءُ مِنْ طَرَفِ الرَّجُلِ كَانَ التَّفْرِيقُ طَلَاقًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ طَرَفِ الْمَرْأَةِ كَانَ فَسْخًا لَا طَلَاقًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ الرِّجَالِ لَا النِّسَاءِ (وَلَا مَهْرَ فِي هَذَا) أَيْ إبَائِهَا (إلَّا لِلْمَوْطُوءَةِ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَوْطُوءَةِ فَوَّتَتْ الْمُبْدَلَ قَبْلَ تَأْكِيدِ الْبَدَلِ فَأَشْبَهَ الرِّدَّةَ وَالْمُطَاوَعَةَ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ إبَاءِ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً فَلَهَا كُلُّ الْمَهْرِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ إسْلَامُ أَحَدِ الْمَجُوسِيَّيْنِ أَوْ امْرَأَةِ الْكِتَابِيِّ (ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (لَمْ تَبِنْ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثًا قَبْلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَسْلَمَ الْمُتَزَوِّجَانِ بِلَا شُهُودٍ) صِحَّةُ نِكَاحِهِمَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ زُفَرُ هُوَ فَاسِدٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ مُعْتَقِدَيْنِ ذَلِكَ) هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالُوا بِفَسَادِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمَا تَرْكًا لَا تَقْرِيرًا فَإِذَا تَرَافَعَا أَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ وَجَبَ التَّفْرِيقُ عِنْدَهُمْ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِذَا كَانَتْ الْمُرَافَعَةُ أَوْ الْإِسْلَامُ بَعْدَ انْقِضَائِهَا لَا يُفَرَّقُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَرَافَعَا) ضَمِيرُهُ لِلْمُحَرَّمَيْنِ خَاصَّةً لَا لِمَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا مَرَّ) يُرِيدُ بِهِ تَزَوُّجَهُمَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بِلَا شُهُودٍ.
(قَوْلُهُ: وَبِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يُفَرَّقُ بِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا كَإِسْلَامِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ أُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ تَرَافَعُوا إلَيْنَا أَمْ لَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ ارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا فَرَّقْت وَإِلَّا فَلَا اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ نِكَاحَ الْمُرْتَدِّ وَلَا يَنْكِحُ أَحَدًا
(قَوْلُهُ: يَعْرِضُ الْإِسْلَامَ عَلَى الْآخَرِ) يَعْنِي إنْ كَانَ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا يَعْقِلُ الْأَدْيَانَ فَإِنْ أَبَى فُرِّقَ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَجْنُونًا عَرَضَ عَلَى أَبَوَيْهِ فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ بَقِيَ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَجْنُونًا لَكِنَّهُ لَا يَعْقِلُ الْأَدْيَانَ يُنْتَظَرُ عَقْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ غَايَةً مَعْلُومَةً بِخِلَافِ الْجُنُونِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُصِرُّ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ بَالِغًا حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِإِبَائِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَإِبَاؤُهُ طَلَاقٌ) هَذَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ طَلَاقًا، وَإِذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا يَكُونُ طَلَاقًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهِيَ مِنْ أَغْرَبِ الْمَسَائِلِ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْهُمَا وَنَظِيرُهُ إذَا كَانَا مَجْنُونَيْنِ أَوْ كَانَ الْمَجْنُونُ عِنِّينًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ طَلَاقًا اتِّفَاقًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مَهْرَ فِي هَذَا إلَّا لِلْمَوْطُوءَةِ) شَامِلٌ لِلصَّغِيرَةِ الْمَجْنُونَةِ الَّتِي فُرِّقَ بِإِبَاءِ وَالِدِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَلَا نَفْعَ لَهَا فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا بِهِ، فَيَكُونُ وَارِدًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا فِيمَا فِيهِ نَفْعٌ لِلصَّغِيرِ فَلْيُنْظَرْ جَوَابُهُ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَبِنْ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَلَا تَكُونُ عِدَّةً؛ وَلِذَا يَسْتَوِي فِيهَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا وَلَا تَلْزَمُهَا عِدَّةٌ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِمُضِيِّ الْحَيْضِ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ تَبَعًا لِلْمَبْسُوطِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.
وَقَالَ فِي الْكَافِي إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا اهـ. وَأَطْلَقَ الطَّحَاوِيُّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى اخْتِيَارِ قَوْلِهِمَا وَهَذِهِ