مَا يَدَّعِي الرَّجُلُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِنِصْفِ مَا تَدَّعِي الْمَرْأَةُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ فَإِنْ أَقَامَا فَبَيِّنَتُهَا إنْ شَهِدَ لَهُ وَبَيِّنَتُهُ إنْ شَهِدَ لَهَا (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ مُتْعَةُ الْمِثْلِ (بَيْنَهُمَا تَحَالَفَا وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّحَالُفِ (وَجَبَتْ) أَيْ مُتْعَةُ الْمِثْلِ
(وَمَوْتُ أَحَدِهِمَا كَحَيَاتِهِمَا حُكْمًا) أَيْ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي حَالِ حَيَاتِهِمَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ فِي الْأَصْلِ وَالْقَدْرِ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ لَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَلَا يُرَى أَنَّ لِلْمُفَوِّضَةِ مَهْرَ الْمِثْلِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا (وَبَعْدَ مَوْتِهِمَا فَفِي) الِاخْتِلَافِ فِي (الْقَدْرِ الْقَوْلُ لِوَرَثَتِهِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَهُ يَسْقُطُ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا.
(وَ) فِي الِاخْتِلَافِ (فِي أَصْلِهِ) الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَهُ وَلَا يَقْضِي بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى؛ إذْ لَا حُكْمَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا كَمَا مَرَّ، وَعِنْدَهُمَا (قَضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ) كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ (وَبِهِ يُفْتَى) قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُسَلِّمْ نَفْسَهَا فَإِنْ سَلَّمَتْ، ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ لَا يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ، بَلْ يُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تُقِرِّي بِمَا أَخَذْت وَإِلَّا حَكَمْنَا عَلَيْك بِالْمُتَعَارَفِ فِي الْمُعَجَّلِ، ثُمَّ يَعْمَلُ فِي الْبَاقِي كَمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا إلَّا بَعْدَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ عَادَةً ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(بَعَثَ إلَيْهَا شَيْئًا) ، ثُمَّ اخْتَلَفَا (فَقَالَتْ هَدِيَّةٌ، وَقَالَ مَهْرٌ فَالْقَوْلُ لَهُ) مَعَ يَمِينِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ فَكَانَ أَعْرَفَ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ التَّمْلِيكَ أَصْلًا وَكَمَا إذَا قَالَ أَوْدَعْتُكِ هَذَا الشَّيْءَ، فَقَالَتْ بَلْ وَهَبْتَهُ لِي؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْمَهْرِ وَاجِبٌ وَالْإِهْدَاءَ تَبَرُّعٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْعَى فِي إسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَنْ ذِمَّتِهِ (إلَّا فِيمَا هُيِّئَ لِلْأَكْلِ) فَإِنَّ الطَّعَامَ الْمُهَيَّأَ لِلْأَكْلِ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ الْمَشْوِيِّ لَا يَكُونُ مَهْرًا بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهَا فَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْوَالِ فَقَدْ يَكُونُ مَهْرًا، وَقَدْ يَكُونُ هَدِيَّةً فَإِلَيْهِ الْبَيَانُ
(خَطَبَ بِنْتَ رَجُلٍ وَبَعَثَ إلَيْهَا شَيْئًا وَلَمْ يُزَوِّجْهَا أَبُوهَا فَمَا بَعَثَ لِلْمَهْرِ يُسْتَرَدُّ) إنْ عَيَّنَهُ (قَائِمًا) ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِالِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْمَالِكِ فَلَا يَلْزَمُ فِي مُقَابَلَةِ مَا اُنْتُقِصَ بِاسْتِعْمَالِهِ شَيْءٌ (أَوْ) قِيمَتُهُ إنْ (هَالِكًا) ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلَمْ تَتِمَّ فَجَازَ الِاسْتِرْدَادُ (كَذَا كُلُّ مَا بُعِثَ هَدِيَّةً وَهُوَ قَائِمٌ دُونَ الْهَالِكِ وَالْمُسْتَهْلَكِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْهِبَةِ رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَجَهَّزَهَا فَمَاتَتْ فَزَعَمَ أَبُوهَا أَنَّ مَا دَفَعَ إلَيْهَا مِنْ الْجِهَازِ أَمَانَةٌ وَأَنَّهُ لَمْ يَهَبْهُ لَهَا وَإِنَّمَا أَعَارَهُ مِنْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَعَلَى الْأَبِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ فِي الظَّاهِرِ أَنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ يَدْفَعُ إلَيْهَا بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ، وَالْبَيِّنَةُ الصَّحِيحَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبِنْتِ أَنِّي إنَّمَا أَعْطَيْتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِابْنَتِي عَارِيَّةً أَوْ يَكْتُبُ نُسْخَةً مَعْلُومَةً وَيَشْهَدُ الْأَبُ وَتَشْهَدُ الْبِنْتُ عَلَى إقْرَارِهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ مِلْكُ وَالِدِي عَارِيَّةٌ مِنْهُ فِي يَدِي لَكِنْ هَذَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ لَا لِلِاحْتِيَاطِ لِجَوَازِ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي حَالِ الصِّغَرِ فَبِهَذَا الْإِقْرَارِ لَا تَصِيرُ لِلْأَبِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ إنَّ الْبِنْتَ تُبْرِئُهُ عَنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ
(نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً أَوْ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ) أَوْ نَحْوِهِمَا (أَوْ بِلَا مَهْرٍ) يُحْتَمَلُ نَفْيُ الْمَهْرِ وَيُحْتَمَلُ السُّكُوتُ عَنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِهِ يُفْتَى) كَذَا فِي الْفَتْحِ اهـ.
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا كُلُّهُ. . . إلَخْ وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ، ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَقِبَهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُونَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ إيصَالَ شَيْءٍ إلَيْهَا، أَمَّا لَوْ لَمْ يَدَّعِ فَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ اهـ.
وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مَا قَالَهُ فِي حَالِ مَوْتِهِمَا
(قَوْلُهُ: فَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْوَالِ) أَيْ بَاقِيهَا بَعْدَمَا هُيِّئَ لِلْأَكْلِ نَحْوُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالدَّقِيقِ وَالسُّكَّرِ وَالشَّاةِ الْحَيَّةِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ ذَكَرَهُ الْكَمَالُ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي دِيَارِنَا أَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحِنْطَةِ. . . إلَخْ يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إرْسَالُهُ هَدِيَّةً وَالظَّاهِرُ مَعَ الْمَرْأَةِ لَا مَعَهُ وَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ إلَّا فِي نَحْوِ الثِّيَابِ وَالْجَارِيَةِ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ بَحْثٌ لِلْكَمَالِ
(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَعَلَى الْأَبِ الْبَيِّنَةُ) اخْتَارَهُ السُّغْدِيُّ وَاخْتِيَارُ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ كَوْنَ الْقَوْلِ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ الْعُرْفُ ظَاهِرًا بِذَلِكَ كَمَا فِي دِيَارِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَاقِعَاتِ وَفَتَاوَى الْخَاصِّيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ مُشْتَرَكًا فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْأَبُ مِنْ الْأَشْرَافِ وَالْكِرَامِ لَا يُقْبَلُ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ عَارِيَّةٌ) ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُجَهِّزُ الْبَنَاتِ بِمِثْلِ ذَلِكَ قُبِلَ.
(قَوْلُهُ: اهـ) ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ وَالْوَاقِعُ فِي دِيَارِنَا الْقَاهِرَةِ أَنَّ الْعُرْفَ مُشْتَرَكٌ فَيُفْتَى بِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْأَبِ، ثُمَّ قَالَ هَلْ هَذَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَبِ يَتَأَتَّى فِي الْأُمِّ وَالْجَدِّ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا اهـ.