لِتَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ (فِي الْحَالِ) فَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا وُضِعَتْ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ هَذَا إذَا قُيِّدَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ أُطْلِقَتْ، وَأَمَّا إذَا قِيلَ أَوْصَيْتُ بِبِنْتِي فُلَانَةَ لَكَ الْآنَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ، وَقَالَ الرَّجُلُ قَبِلْتُ يَكُونُ نِكَاحًا.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ مَوْضُوعٍ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ إنْ ذُكِرَ الْمَهْرُ وَإِلَّا فَبِالنِّيَّةِ

(وَيُشْتَرَطُ سَمَاعُ كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ لَفْظَ الْآخَرِ) ؛ إذْ لَوْلَاهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الرِّضَا مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ فِي الْحَاضِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْعِبَارَةِ (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (حُضُورُ حُرَّيْنِ أَوْ حُرٍّ وَحُرَّتَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ سَامِعَيْنِ مَعًا قَوْلَهُمَا) ، وَقِيلَ الشَّرْطُ أَيْضًا حُضُورُ الشَّاهِدَيْنِ لِإِسْمَاعِهِمَا، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ فَلَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ أَصَمَّيْنِ وَهِنْدِيَّيْنِ لَمْ يَفْهَمَا كَلَامَهُمَا وَيَنْعَقِدُ بِحُضُورِ السَّكَارَى إذَا فَهِمُوا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا بَعْدَ الصَّحْوِ، وَإِنْ سَمِعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ فَأُعِيدَ عَلَى الْآخَرِ فَسَمِعَهُ دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانًا إذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ، وَلَوْ أَحَدُهُمَا أَصَمُّ فَأَعَادَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ حَتَّى سَمِعَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ سَمِعَ أَحَدُهُمَا كَلَامَ الزَّوْجِ وَالْآخَرُ كَلَامَ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ أُعِيدَ وَانْعَكَسَ السَّمَاعُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَأَجَازَ أَبُو سَهْلٍ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ قَوْلُهُ قَوْلُهُمَا أَيْ قَوْلُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْوِقَايَةِ لَفْظَ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ قَوْلَ الْوَكِيلَيْنِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ شَهَادَتُهُمَا لِنِكَاحِ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ (وَمُسْلِمَيْنِ لِنِكَاحِ مُسْلِمَةٍ) ؛ إذْ لَا شَهَادَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ (وَلَوْ) كَانَا (فَاسِقَيْنِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ أَوْ أَعْمَيَيْنِ أَوْ ابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ) ابْنَيْ (أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَهْلُ الْوِلَايَةِ، فَيَكُونُ أَهْلُ الشَّهَادَةِ تَحَمُّلًا وَإِنَّمَا الْفَائِتُ ثَمَرَةُ الْأَدَاءِ فَلَا يُبَالِي بِفَوَاتِهَا (وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ) النِّكَاحُ (بِهِمَا) أَيْ ابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ ابْنَيْ أَحَدِهِمَا (إنْ ادَّعَى الْقَرِيبُ) ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لِلْقَرِيبِ لَا تَجُوزُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ فَإِذَا نَكَحَا بِحُضُورِ ابْنَيْ الزَّوْجِ فَإِنْ ادَّعَى لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ ابْنَيْهِ لَهُ، وَإِنْ ادَّعَتْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَهَا، وَإِنْ نَكَحَا عِنْدَ ابْنَيْ الزَّوْجَةِ فَإِنْ ادَّعَتْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَهَا، وَإِنْ ادَّعَى تُقْبَلُ

[نكاح مسلم ذمية عند ذميين]

(كَمَا صَحَّ نِكَاحُ مُسْلِمٍ ذِمِّيَّةً عِنْدَ ذِمِّيَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِمَا إنْ أَنْكَرَ) ؛ إذْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَإِنْ ادَّعَى الْمُسْلِمُ تُقْبَلُ لَهُ (أَمَرَ) الْأَبُ شَخْصًا (آخَرَ أَنْ يَنْكِحَ صَغِيرَتَهُ فَأَنْكَحَ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ إنْ حَضَرَ الْأَبُ صَحَّ) النِّكَاحُ (وَإِلَّا فَلَا) فَإِنَّ الْأَبَ إذَا حَضَرَ انْتَقَلَ، عِبَارَةُ الْوَكِيلِ إلَيْهِ فَصَارَ عَاقِدًا حُكْمًا وَالْوَكِيلُ مَعَ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ شَاهِدَانِ (كَأَبٍ زَوَّجَ بَالِغَتَهُ عِنْدَ رَجُلٍ إنْ حَضَرَتْ صَحَّ) النِّكَاحُ (وَإِلَّا فَلَا) فَصَارَتْ الْبَالِغَةُ كَأَنَّهَا عَاقِدَةٌ وَالْأَبُ وَذَلِكَ الشَّاهِدُ شَاهِدَانِ

(حَرُمَ) عَلَى الرَّجُلِ (تَزَوُّجُ أَصْلَهُ) ، وَإِنْ عَلَتْ (وَفَرْعِهِ) ، وَإِنْ سَفَلَتْ (وَأُخْتِهِ وَبِنْتِهَا)

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ هَذَا إذَا قَيَّدَتْ. . . إلَخْ) كَذَا نَقْلُ التَّقْيِيدِ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَجَازٌ عَنْ التَّمْلِيكِ فَلَوْ انْعَقَدَ بِهَا لَكَانَ مَجَازًا فِي النِّكَاحِ وَالْمَجَازُ لَا مَجَازَ لَهُ اهـ.

وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَ الْكَمَالُ، وَعَنْ الْكَرْخِيِّ إنْ قَيَّدَ الْوَصِيَّةَ بِالْحَالِ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْتُ لَكِ بِبِنْتِي هَذِهِ الْآنَ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ بِهِ صَارَ مَجَازًا عَنْ التَّمْلِيكِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِي صِحَّتِهِ حِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِالْحَالِ يَصِحُّ اهـ كَلَامُ الْكَمَالِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة. . . إلَخْ) كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِمَا يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ إذَا خَلَا الْحَالُ عَنْ نِيَّةٍ وَذِكْرِ الْمَهْرِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ مُطْلَقًا.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَهْمِ الشَّاهِدَيْنِ مَقْصُودَهُمَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الشَّرْطُ حُضُورُ الشَّاهِدَيْنِ) إشَارَةٌ إلَى رَدِّ مَا قِيلَ إنَّهُ يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ النَّائِمَيْنِ، وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ مَنْ صَحَّحَهُ قَالَ لَا يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ الْأَصَمَّيْنِ عَلَى الْمُخْتَارِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْأَصَمِّ لِعَدَمِ السَّمَاعِ وَلَقَدْ أَنْصَفَ الْمُحَقِّقُ الْكَمَالُ حَيْثُ قَالَ وَلَقَدْ أُبْعِدَ عَنْ الْفِقْهِ وَصُرِفَ عَنْ الْحِكْمَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْ جَوَّزَهُ بِحَضْرَةِ النَّائِمَيْنِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ الْأَصَمَّيْنِ وَهِنْدِيَّيْنِ لَمْ يَفْهَمَا كَلَامَهُمَا) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْفَتْحِ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُ قَيْدِ الْفَهْمِ مَتْنًا لِيَحْسُنَ التَّفْرِيعُ عَلَيْهِ

[نِكَاحُ مُسْلِمٍ ذِمِّيَّةً عِنْدَ ذِمِّيَّيْنِ]

(قَوْلُهُ: عِنْدَ ذِمِّيَّيْنِ) أَيْ وَلَوْ مُخَالِفَيْنِ اعْتِقَادًا كَمَا فِي الْإِسْبِيجَابِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَمَرَ الْأَبُ شَخْصًا) يَعْنِي رَجُلًا لِيُفِيدَ حُكْمَ الصِّحَّةِ بِمَا صَوَّرَهُ مِنْ عَقْدِهِ بِحَضْرَةِ امْرَأَتَيْنِ؛ إذْ لَوْ كَانَ الشَّخْصُ امْرَأَةً شُرِطَ حُضُورُ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أُخْرَى اهـ.

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَأْمُورِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ عَقَدَهُ، بَلْ قَالَ هَذِهِ امْرَأَتُهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ بَيَّنَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ يَرِدُ عَلَيْهِ شَهَادَةُ نَحْوِ الْقَبَّانِي وَالْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ مَعَ بَيَانِهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ

(قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَى الرَّجُلِ. . . إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ وَهُوَ كَوْنُ الْمَرْأَةِ مَحَلًّا لَهُ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي إضَافَةِ التَّحْرِيمِ إلَى الْأَعْيَانِ فَقِيلَ مَجَازٌ وَالْمُحَرَّمُ حَقِيقَةُ الْفِعْلِ وَرَجَّحُوا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَانْتِفَاءُ مَحَلِّيَّةِ الْمَرْأَةِ لِلنِّكَاحِ شَرْعًا بِأَحَدِ تِسْعَةِ أَشْيَاءَ: النَّسَبِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَالرِّضَاعِ وَحُرْمَةِ الْجَمْعِ كَالْمَحَارِمِ وَالْخَمْسِ وَالتَّقْدِيمِ وَحَقِّ الْغَيْرِ وَعَدَمِ دِينٍ سَمَاوِيٍّ وَالتَّنَافِي كَنِكَاحِ السَّيِّدَةِ وَالْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ بِالثَّلَاثِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ وَسَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015