عَنْ الشَّيْخِ حَمِيدِ الدِّينِ أَنَّهُ قَالَ نَظِيرُ الِانْعِقَادِ بِالْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ إنِّي أَتَزَوَّجُكِ فَتَقُولَ الْمَرْأَةُ زَوَّجْتُ نَفْسِي مِنْكَ يَصِحُّ النِّكَاحُ
(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا مَعْنَاهُ) قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِلَفْظٍ لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ أَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِهِ إنْ عَلِمَا أَنَّ هَذَا لَفْظٌ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ يَكُونُ نِكَاحًا عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا مَعْنَاهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا أَنَّ هَذَا لَفْظٌ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْحُقُوقِ وَالْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ فَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالتَّدْبِيرُ وَاقِعٌ فِي الْحُكْمِ ذَكَرَهُ فِي عَتَاقِ الْأَصْلِ، وَإِذَا عَرَفَ الْجَوَابَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِمَضْمُونِ اللَّفْظِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِأَجْلِ الْقَصْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجَدُّ وَالْهَزْلُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.
(وَ) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِقَوْلِهِمَا داد ويذيرفت بِلَا مِيمٍ بَعْدَ دادي ويذير فَتَى) يَعْنِي إذَا قِيلَ لِلْمَرْأَةِ خويشتن بزنى بِفُلَانٍ دَادِي فَقَالَتْ داد، ثُمَّ قِيلَ لِلرَّجُلِ يذير فَتَى فَقَالَ يذيرفت بِلَا مِيمٍ يَصِحُّ النِّكَاحُ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقُولَ بِالْمِيمِ، وَعَنْ نَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْخَاطِبُ خويشتن بزنى دادي، وَتَقُولَ الْمَرْأَةُ خويشتن بزنى دادم؛ لِأَنَّ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِدُونِ ذِكْرِ بزنى اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِتَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ) أَيْ إذَا قِيلَ لِلْبَائِعِ فروختي فَقَالَ فروخت، ثُمَّ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي خريدي فَقَالَ خريد يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَقُولَا فروختم وخريدم لِمَا ذُكِرَ (لَا) يَنْعَقِدُ (بِقَوْلِهِمَا عِنْدَ الشُّهُودِ مازن وشوهريم) ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ هَذِهِ امْرَأَتِي، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ هَذَا زَوْجِي عِنْدَ الشُّهُودِ لَا يَكُونُ نِكَاحًا قَالَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ أَقَرَّا بِعَقْدٍ مَاضٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ لَا يَكُونُ نِكَاحًا، وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ يَكُونُ ذَلِكَ نِكَاحًا وَيَتَضَمَّنُ إقْرَارُهُمَا بِذَلِكَ إنْشَاءَ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّا بِعَقْدٍ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ.
(وَلَا) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِالتَّعَاطِي) وَهُوَ أَنْ لَا يَذْكُرَ الْعَاقِدَانِ شَيْئًا مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، بَلْ تَرَاضَيَا عَلَى قَدْرٍ مِنْ الْمَهْرِ وَيُنَفِّذُهُ الزَّوْجُ أَوْ وَكِيلُهُ وَتَأْخُذُهُ الْمَرْأَةُ أَوْ وَكِيلُهَا وَتُسَلِّمُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ مُبَالَغَةً فِي صِيَانَةِ الْإِبْضَاعِ عَنْ الْهَتْكِ وَاحْتِرَامًا لِشَأْنِهَا وَيَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْعَقِدُ بِهِ فِي الْخَسِيسِ لَا النَّفِيسِ (وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَمَا وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ) كَهِبَةٍ وَتَمْلِيكٍ وَصَدَقَةٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ فَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهُمَا وُضِعَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْهَمْزَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَخْبِرُ نَفْسَهُ عَنْ الْوَعْدِ، وَلَوْ قَالَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ كَقَوْلِهِ جِئْتُكَ خَاطِبًا ابْنَتَكَ أَوْ لِتُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ فَقَالَ الْأَبُ زَوَّجْتُكَ فَالنِّكَاحُ لَازِمٌ، وَلَيْسَ لِلْخَاطِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْمُسَاوَمَةِ فِيهِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا مَعْنَاهُ) هَذَا عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّجْنِيسِ لَوْ عَقَدَا عَقْدَ النِّكَاحِ بِلَفْظٍ لَا يَفْهَمَانِ كَوْنَهُ نِكَاحًا هَلْ يَنْعَقِدُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ اهـ. يَعْنِي بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مَعَ الْهَزْلِ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُهُ اهـ لَفْظُ الْبَحْرِ.
وَقَالَ الْكَمَالُ لَوْ لُقِّنَتْ الْمَرْأَةُ زَوَّجْتُ نَفْسِي بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا تَعْلَمْ مَعْنَاهُ وَقَبِلَ أَيْ الزَّوْجُ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُونَ صَحَّ النِّكَاحُ كَالطَّلَاقِ، وَقِيلَ لَا كَالْبَيْعِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمِثْلُ هَذَا فِي جَانِبِ الرَّجُلِ إذَا لَقَّنَتْهُ وَلَا يَعْلَمْ مَعْنَاهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا عَرَفَ الْجَوَابَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ. . . إلَخْ) نَقَلَهُ الْكَمَالُ عَنْ قَاضِي خَانْ
(تَنْبِيهٌ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ بَاقِي الْأَحْكَامِ مِنْ الْخُلْعِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْحُقُوقِ. . . إلَخْ، وَقَالَ الْكَمَالُ اخْتَلَفُوا فِي الْخُلْعِ قِيلَ لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الْقَاضِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَلَا النَّفَقَةُ، وَكَذَا لَوْ لُقِّنَتْ أَنْ يَبْرَأَ، وَكَذَا الْمَدْيُونُ إذَا لَقَّنَ رَبَّ الدَّيْنِ لَفْظَ الْإِبْرَاءِ لَا يَبْرَأُ اهـ. وَعَلِمْت بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَدَمَ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ التَّمْلِيكُ.
(قَوْلُهُ: كَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ هَذِهِ امْرَأَتِي، وَقَالَتْ هَذَا زَوْجِي عِنْدَ الشُّهُودِ لَا يَكُونُ نِكَاحًا) ، كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْوَاقِعَاتِ إنَّهُ الْمُخْتَارُ وَصَحَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ إنْ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ صَحَّ النِّكَاحُ وَجُعِلَ إنْشَاءً وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا فَصَّلَهُ قَاضِي خَانْ بَيْنَ أَنْ يُخْبِرَا بِمَا لَمْ يَكُنْ لَا يَنْعَقِدُ وَإِلَّا انْعَقَدَ اهـ. ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ، وَلَوْ قَالَ الشُّهُودُ جَعَلْتُمَا هَذَا نِكَاحًا فَقَالَا نَعَمْ انْعَقَدَ؛ لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْجَعْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ النِّكَاحِ. . . إلَخْ) أُورِدَ عَلَيْهِ انْعِقَادُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَلَفْظِ الرَّجْعَةِ وَكُونِي امْرَأَتِي فَقَبِلَتْ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي حَتَّى فِي النِّكَاحِ فَلْيُرَاجَعْ (تَنْبِيهٌ) لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِضَافَتِهِ لِجُزْءٍ شَائِعٍ فِي الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ وَصَحَّحَ فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ خِلَافَهُ وَنَصُّهَا قَالَ زَوَّجْت نِصْفَ نَفْسِي مِنْك بِكَذَا الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَقِد. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ) هُوَ الصَّحِيحُ، أَمَّا إذَا جُعِلَتْ أُجْرَةً فَيَنْعَقِدُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مُفِيدٌ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ شَرَطَ الْحُلُولَ أَوْ عُجِّلَتْ، كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَقَالَ فِي الْفَتْحِ لَوْ جُعِلَتْ بَدَلَ الْإِجَارَةِ أَوْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِي جَوَازِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالْإِعَارَةِ) هُوَ الصَّحِيحُ