مِثْلَهُ فَظُهِرَ عَلَى الْمِصْرِيِّ قُتِلَ) الْقَاتِلُ (بِهِ) أَيْ بِقَتْلِهِ مِثْلَهُ (إذَا لَمْ يَجْرُوا) أَيْ الْبُغَاةُ (فِيهِ) أَيْ الْمِصْرِ (أَحْكَامَهُمْ) إذْ حِينَئِذٍ لَمْ تَكُنْ وِلَايَةُ الْإِمَامِ مُنْقَطِعَةً عَنْ الْمِصْرِ فَتَجْرِي أَحْكَامُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَجْرَوْا فِيهِ أَحْكَامَهُمْ.

(قَتَلَ عَادِلٌ بَاغِيًا أَوْ قَتَلَهُ) أَيْ الْعَادِلَ (بَاغٍ مُدَّعِيًا) ذَلِكَ الْبَاغِي (حَقِّيَّتَهُ وِرْثُهُ) الْقَاتِلَ عَادِلًا كَانَ أَوْ بَاغِيًا يَدَّعِي الْحَقِّيَّةَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْعَادِلَ إذَا أَتْلَفَ الْبَاغِيَ أَوْ مَالَهُ لَا يَأْثَمُ بِهِ وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْمُحَارَبَةَ تُبْطِلُ الْعِصْمَةَ وَقَدْ أُمِرْنَا بِمُقَاتَلَتِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: 9] فَصَارَ قَتْلُهُمْ بِحَقٍّ كَقَتْلِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَلَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْإِرْثِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مُورِثَهُ بِقَوَدٍ لَهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ حِرْمَانَ الْإِرْثِ جَزَاءُ قَتْلٍ مَحْظُورٍ فَلَا يُنَاطُ بِقَتْلٍ مُبَاحٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْبَاغِيَ إذَا قَتَلَ الْعَادِلَ يَأْثَمُ وَلَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا وَالتَّأْوِيلُ الْفَاسِدُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الصَّحِيحِ فِي حَقِّ دَفْعِ الضَّمَانِ إذَا ضُمَّتْ إلَيْهِ الْمَنَعَةُ كَتَأْوِيلِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ بِهِ الضَّمَانُ لَمْ يَجِبْ بِهِ الْحِرْمَانُ وَالْإِرْثُ مُسْتَحَقٌّ بِالْقَرَابَةِ.

(وَ) إذَا قَتَلَهُ الْبَاغِي (مُقِرًّا بِبُطْلَانِهِ لَا) أَيْ لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْبُطْلَانِ يَجِبُ الضَّمَانُ فَيَلْزَمُ الْحِرْمَانُ.

[بيع السلاح من أهل الفتنة]

(كُرِهَ بَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (وَإِنْ لَمْ يُدْرَ أَنَّهُ مِنْهُمْ لَا) أَيْ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَلَا صَارِفَ عَنْهُ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى إمَامٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ آمِنُونَ وَالسُّبُلُ آمِنَةٌ فَخَرَجَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْإِمَامِ الْجَمَاعَةُ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُعِينُوهُ إنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَزِلَ الْفِتْنَةَ وَيَقْعُدَ فِي بَيْتِهِ.

[كتاب إحياء الموات]

(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ الْمَذْكُورِ فِي بَعْضِ أَبْوَابِهِ إحْيَاءُ الْمَوَاتِ عَقَبَهُ بِهِ وَالْمَوَاتُ لُغَةً حَيَوَانٌ مَاتَ وَهَاهُنَا مُسْتَعَارٌ وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ (أَرْضٌ لَمْ تُمْلَكْ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ مُلِكَتْ) فِيهِ (وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهَا وَتَعَذَّرَ زَرْعُهَا بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ) عَنْهَا (أَوْ غَلَبَتِهِ) عَلَيْهَا (أَوْ نَحْوِهِمَا) كَمَا إذَا نَزَّتْ أَوْ صَارَتْ سَبِخَةً (وَبَعُدَتْ مِنْ الْعَامِرِ) بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ صَوْتٌ مِنْ أَقْصَاهُ (مَلَكَهَا) أَيْ تِلْكَ الْأَرْضَ (مُحْيِيهَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا بِلَا إذْنِهِ (وَلَوْ) كَانَ مُحْيِيهَا (ذِمِّيًّا) وَ (لَا) يَمْلِكُهَا (مُحْجِرُهَا) التَّحْجِيرُ مِنْ الْحَجَرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَوْ الْحَجْرِ بِسُكُونِهَا سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَلِّمُونَهَا بِوَضْعِ الْأَحْجَارِ حَوْلَهَا أَوْ يُعَلِّمُونَهَا بِحَجَرِ غَيْرِهِمْ عَنْ إحْيَائِهَا فَتَبْقَى غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ كَمَا كَانَتْ هُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ الْحَجَرِ بِأَنْ غَرَزَ حَوْلَهَا أَغْصَانًا يَابِسَةً أَوْ نَقَّى الْأَرْضَ وَأَحْرَقَ مَا فِيهَا مِنْ الشَّوْكِ أَوْ حَصَدَ مَا فِيهَا مِنْ الْحَشِيشِ أَوْ الشَّوْكِ وَجَعَلَهُ حَوْلَهَا وَجَعَلَ التُّرَابَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتِمَّ الْمُسْنَاةَ (فَلَوْ حَجَرَهَا) تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ التَّحْجِيرَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ يَعْنِي إذَا لَمْ يَمْلِكْهَا الْمُحْجِرُ لَوْ حَجَرَهَا (وَتَرَكَ ثَلَاثَ سِنِينَ دَفَعَهَا) الْإِمَامُ (إلَى غَيْرِهِ) لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَيْسَ لِمُحْجِرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ حَقٌّ قَالُوا هَذَا دِيَانَةٌ، فَأَمَّا إذَا أَحْيَاهَا غَيْرُهُ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ مَلَكَهَا لِتَحَقُّقِ الْإِحْيَاءِ مِنْهُ دُونَ الْأَوَّلِ (وَمَا عَدَلَ عَنْهُ الْمَاءُ) أَيْ مَوْضِعُ مَا زَالَ عَنْهُ الْمَاءُ وَانْكَشَفَ الْمَوْضِعُ (وَامْتَنَعَ عَوْدُهُ) إلَيْهِ (فَمَوَاتٌ إنْ لَمْ يَكُنْ حَرِيمًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِهِ قَتَلَ بَاغٍ مِثْلَهُ ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَجْرَوْا فِيهِ أَحْكَامَهُمْ) أَيْ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ وَلَكِنْ يُسْتَحَقُّ عَذَابُ الْآخِرَةِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ مُدَّعِيًا ذَلِكَ الْبَاغِي حَقِيقَتَهُ) أَيْ حَالَ الْقَتْلِ وَحَالَ طَلَبِ الْمِيرَاثِ لِمَا قَالَ الْكَمَالُ وَإِنْ قَتَلَ الْبَاغِي الْعَادِلَ، وَقَالَ كُنْت عَلَى حَقٍّ وَأَنَا الْآنَ عَلَى حَقٍّ وَرِثَهُ. اهـ. وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَإِنْ قَتَلَهُ الْبَاغِي، وَقَالَ كُنْت عَلَى حَقٍّ وَأَنَا الْآنَ عَلَى حَقٍّ وَرِثَهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْكَافِي.

[بَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ]

(قَوْلُهُ: كُرِهَ بَيْعُ السِّلَاحِ) خَرَجَ بِهِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ السِّلَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَاتَلُ بِهِ إلَّا بِصَنْعَةٍ وَهُمْ لَا يَتَفَرَّغُونَ لَهَا، بِخِلَافِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى) قَدَّمْنَا أَوَّلَ الْبَابِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

(قَوْلُهُ: وَالْمَوَاتُ لُغَةً. . . إلَخْ) كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَيْضًا وَالْإِحْيَاءُ لُغَةً بَلْ كَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَ بَيَانِ الْإِحْيَاءِ لُغَةً وَشَرِيعَةً وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِلْأَرْضِ وَتَفْسِيرُ الْإِحْيَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي النَّوَادِرِ أَنَّ إحْيَاءَ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ بِالسَّقْيِ وَالْكِرَابِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بِالْبَذْرِ وَالزِّرَاعَةِ حَتَّى لَوْ كَرِيهًا وَلَمْ يَسْقِ أَوْ سَقَى وَلَمْ يَكْرُبْ لَمْ يَكُنْ إحْيَاءٌ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إذَا حَفَرَ لَهَا النَّهْرَ وَسَقَاهَا يَكُونُ إحْيَاءٌ وَكَذَا إذَا حَوَّطَهَا أَوْ سَنَّمَهَا بِحَيْثُ يَنْعَصِمُ الْمَاءُ يَكُونُ إحْيَاءٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَبَعُدَتْ مِنْ الْعَامِرِ) هُوَ الْمُخْتَارُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ أَنْ لَا يَرْتَفِقَ بِهِ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا وَجْهُ الْمُخْتَارِ تَعَلُّقُ حَقِّهِمْ بِهِ حَقِيقَةً أَوْ دَلَالَةً فَلَا يَكُونُ مَوَاتًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مُحْتَطِبًا لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ.

(قَوْلُهُ: مَلَكَهَا مُحْيِيهَا) أَيْ وَيَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْخَرَاجُ عَلَى الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ وَضْعٍ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَلِيقُ بِهِ وَإِنْ سَقَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ اُعْتُبِرَ بِهِ، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ.

(قَوْلُهُ: قَالُوا هَذَا دِيَانَةٌ) يَقْتَضِي الْخِلَافَ فِيهِ، وَقَدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015