(ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا) وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِ كِتَابِيٍّ يَحِلُّ صَيْدُهُ وَذَبِيحَتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا كَذَا فِي الْكَافِي (يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ) أَيْ يَعْلَمُ أَنَّ حِلَّ الذَّبِيحَةِ يَتَعَلَّقُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهَا (وَالذَّبْحَ) أَيْ يَعْلَمُ شَرَائِطَ الذَّبْحِ مِنْ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ وَنَحْوِهِ (وَيَقْدِرُ) عَلَى فَرْيِ الْأَوْدَاجِ وَيُحْسِنُ الْقِيَامَ بِهِ (وَلَوْ) كَانَ الذَّابِحُ (مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا) فَإِنَّهُمَا إذَا تَعَقَّلَا التَّسْمِيَةَ وَالذَّبْحَ وَقَدَرَا كَانَا كَالْعَاقِلِ الْبَالِغِ (أَوْ امْرَأَةً أَوْ أَقْلَفَ أَوْ أَخْرَسَ فَيَحْرُمُ ذَبِيحَةُ وَثَنِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُرْتَدٍّ) إذْ لَا مِلَّةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْكِتَابِيِّ إذَا تَحَوَّلَ إلَى غَيْرِ دِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَيَعْتَبِرُ مَا هُوَ عَلَيْهِ عِنْدَ الذَّبْحِ حَتَّى لَوْ تَمَجَّسَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ لَمْ يَحِلَّ صَيْدُهُ وَلَا ذَبِيحَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا فِي الْأَصْلِ وَإِنْ عَكَسَ يُؤْكَلُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الْكَافِي
. (وَ) يَحْرُمُ ذَبِيحَةُ (تَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا وَلَوْ) تَرَكَهَا (نَاسِيًا حَلَّتْ) ذَبِيحَتُهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ حَلَّتْ فِي الْوَجْهَيْنِ.
وَقَالَ مَالِكٌ حَرُمَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ (وَحَرُمَتْ إنْ ذَكَرَ) الذَّابِحُ (مَعَ اسْمِهِ تَعَالَى غَيْرَهُ عَطْفًا نَحْوَ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ فُلَانٍ أَوْ وَفُلَانٍ) لِأَنَّهُ أَهَلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَلَمْ يُوجَدْ التَّجْرِيدُ وَهُوَ شَرْطٌ (وَكُرِهَ وَصْلُهُ بِلَا عَطْفٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى مَا يُظْهِرُونَ لَا مَا يُضْمِرُونَ. اهـ. وَيُشْتَرَطُ لِحِلِّ ذَبْحِ الْكِتَابِيِّ صَيْدًا أَنْ يَكُونَ خَارِجَ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَوْ ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ لَا يَحِلُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ ذَبِيحَةُ الْكِتَابِيِّ حَلَالٌ إذَا أَتَى بِهِ مَذْبُوحًا، وَأَمَّا إذَا ذَبَحَ بِالْحُضُورِ فَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَذْكُرَ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ اهـ فَإِنْ سَمَّى النَّصْرَانِيُّ الْمَسِيحَ وَسَمِعَهُ الْمُسْلِمُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَهُوَ يَعْنِي الْمَسِيحَ يُؤْكَلُ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ اهـ.
وَيُوَافِقُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمَبْسُوطِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: يَعْقِلُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلذَّابِحِ فِي قَوْلِهِ وَشُرِطَ كَوْنُ الذَّابِحِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ وَالْكِتَابِيِّ حَلَالٌ وَتَحِلُّ إذَا كَانَ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبِيحَةَ وَيَضْبِطُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ امْرَأَةً اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ يَعْلَمُ أَنَّ حِلَّ الذَّبِيحَةِ يَتَعَلَّقُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا) هَذَا أَحَدُ مَا فُسِّرَ بِهِ عَقْلُ التَّسْمِيَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ قِيلَ يَعْنِي يَعْقِلُ لَفْظَ التَّسْمِيَةِ، وَقِيلَ يَعْقِلُ إنْ حَلَّ الذَّبِيحَةَ بِالتَّسْمِيَةِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُرَادُ بِالصَّبِيِّ هُوَ الَّذِي يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَيَضْبِطُ وَالضَّبْطُ هُوَ أَنْ يَعْلَمَ شَرَائِطَ الذَّبْحِ مِنْ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ وَالتَّسْمِيَةِ اهـ.
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ذَبِيحَةُ الصَّبِيِّ حَلَالٌ إذَا كَانَ يَعْقِلُ وَيَضْبِطُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَيَضْبِطُ أَنَّهُ يَضْبِطُ شَرَائِطَ الذَّبْحِ مِنْ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ، وَقَوْلُهُ: يَعْقِلُ تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَاهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا مَعْنَاهُ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ حِلَّ الذَّبِيحَةِ بِالتَّسْمِيَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْحِلَّ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَجْنُونًا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَعْتُوهُ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ عَنْ النِّهَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا قَصْدَ لَهُ وَلَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ بِالنَّصِّ وَهِيَ بِالْقَصْدِ وَصِحَّةُ الْقَصْدِ بِمَا ذَكَرْنَا يَعْنِي قَوْلَهُ إذَا كَانَ يَعْقِلُ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبِيحَةَ وَيَضْبِطُ اهـ.
وَلِذَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَخْرَسَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا؛ لِأَنَّهُ أَعْذَرُ مِنْ النَّاسِي كَذَا فِي قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: فَتَحْرُمُ ذَبِيحَةُ وَثَنِيٍّ) أَقُولُ، وَلَوْ شَارَكَهُ مُسْلِمٌ فِي الذَّبْحِ لَا تُؤْكَلُ، وَأَمَّا ذَبِيحَةُ الصَّابِئِ فَتُكْرَهُ إلَّا أَنَّهُ يَحِلُّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَا لَا تَحِلُّ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا؛ لِأَنَّهُمْ صِنْفَانِ صِنْفٌ مِنْهُمْ يُقِرُّونَ بِنُبُوَّةِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيَقْرَءُونَ الزَّبُورَ وَهُمْ صِنْفٌ مِنْ النَّصَارَى وَإِنَّمَا أَجَابَ أَبُو حَنِيفَةَ بِحِلِّ ذَبِيحَةِ الصَّابِئِ إذَا كَانَ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ وَصِنْفٌ مِنْهُمْ يُنْكِرُونَ النُّبُوَّةَ وَالْكُتُبَ أَصْلًا وَيَعْبُدُونَ الشَّمْسَ فَهُمْ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُهُمْ وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ فَإِنَّمَا أَجَابَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِحُرْمَةِ الصَّيْدِ وَالذَّبْحِ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَنَقَلَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِيمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِنْدِي نَظَرٌ فَإِنَّ أَهْلَ الْأُصُولِ لَا يَعْرِفُونَ فِي جُمْلَةِ الصَّابِئِينَ مَنْ يُقِرُّ بِعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِنَّمَا يُقِرُّونَ بِإِدْرِيسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيَدَّعُونَ لَهُ النُّبُوَّةَ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ وَيُعَظِّمُونَ الْكَوَاكِبَ فَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهَا تَعْظِيمَ الِاسْتِقْبَالِ لَا تَعْظِيمَ الْعِبَادَةِ لَهَا كَمَا يَسْتَقْبِلُ الْمُؤْمِنُونَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ يَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهَا تَعْظِيمَ الْعِبَادَةِ لَهَا فَأَلْحَقَاهُمْ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَإِنَّمَا اشْتَبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَدِينُونَ بِكِتْمَانِ الِاعْتِقَادِ وَلَا يَسْتَحِبُّونَ إظْهَارَ الِاعْتِقَادِ أَلْبَتَّةَ وَمَا اخْتَارَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ يَغْلِبُ الْمُوجِبُ لِلْحُرْمَةِ اهـ لَفْظُ الْمَبْسُوطِ
[ذَبِيحَةُ تَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا]
(قَوْلُهُ: وَاسْمِ فُلَانٍ) أَيْ لَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ فُلَانٍ لَا يَحِلُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ.
وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الصَّحِيحُ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَصِيرُ مَيْتَةً؛ لِأَنَّهَا لَوْ صَارَتْ مَيْتَةً يَصِيرُ الرَّجُلُ كَافِرًا اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَفُلَانٍ) أَيْ لَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَفُلَانٍ لَا يَحِلُّ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ لَوْ ذَكَرَ مَعَ اسْمِ اللَّهِ غَيْرَهُ مَوْصُولًا عَلَى وَجْهِ الْعَطْفِ وَالشَّرِكَةِ بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ فُلَانٍ أَوْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَفُلَانٍ أَوْ بِسْمِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٍ رَسُولُ اللَّهِ بِكَسْرِ الدَّالِ تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ اهـ