وَقِيلَ مُطْلَقًا وَيُوَضَّأُ بِلَا مَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ) لِتَعَذُّرِ إخْرَاجِ الْمَاءِ (وَيُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ مَغْلِيٌّ بِسِدْرٍ وَحُرْضٍ) وَهُوَ الْأُشْنَانُ مُبَالَغَةً فِي التَّنْظِيفِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ كَذَلِكَ (فَخَالِصٌ) أَيْ يُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ خَالِصٌ لِحُصُولِ أَصْلِ الْمَقْصُودِ
(وَيَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي اسْتِخْرَاجِ الْوَسَخِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَبِالصَّابُونِ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ يُضْجَعُ عَلَى يَسَارِهِ) لِتَكُونَ الْبُدَاءَةُ بِجَانِبِ يَمِينِهِ (وَيُغَسَّلُ) بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ (حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَيِّتِ (ثُمَّ) يُضْجَعُ (عَلَى يَمِينِهِ كَذَلِكَ) أَيْ وَيُغَسَّلُ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ (ثُمَّ يُجْلِسُهُ) أَيْ الْغَاسِلُ الْمَيِّتَ (مُسْنِدًا) الْمَيِّتَ إلَى نَفْسِهِ (وَيَمْسَحُ بَطْنَهُ بِلِينٍ) تَحَرُّزًا عَنْ تَلْوِيثِ الْكَفَنِ (وَالْخَارِجُ يَغْسِلُ وَغُسْلُهُ لَا يُعَادُ) وَكَذَا وُضُوءُهُ لِأَنَّ الْغُسْلَ عُرِفَ بِالنَّصِّ وَقَدْ حَصَلَ مَرَّةً (ثُمَّ يُنَشِّفُ بِثَوْبٍ) لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ
(وَلَا يَقُصُّ ظُفْرَهُ وَلَا يُسَرِّحُ شَعْرَهُ) لِأَنَّهُ لِلزِّينَةِ وَقَدْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهَا (وَيَجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ الْحَنُوطَ) لِأَنَّ التَّطَيُّبَ سُنَّةٌ (وَعَلَى مَسَاجِدِهِ) جَمْعُ مَسْجَدٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِمَعْنَى مَوْضِعِ السُّجُودِ وَهُوَ جَبْهَتُهُ وَأَنْفُهُ وَيَدَاهُ وَرُكْبَتَاهُ وَقَدَمَاهُ (الْكَافُورَ) فَإِنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ بِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ فَتُخَصُّ بِزِيَادَةِ كَرَامَةٍ وَصِيَانَةٍ لَهَا عَنْ سُرْعَةِ الْفَسَادِ
(وَإِذَا جَرَى الْمَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ أَصَابَهُ الْمَطَرُ لَمْ يَكُنْ غُسْلًا فَالْغَرِيقُ يُغَسَّلُ) كَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ (وَسُنَّةُ الْكَفَنِ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (إزَارٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا أُمُّ وَلَدِهِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ، وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ حَدَّ الشَّهْوَةِ يُغَسِّلُهُمَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَقَدَّرَهُ فِي الْأَصْلِ بِأَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ رُؤْيَةُ زَوْجَتِهِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى لَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ الْمَيِّتِ اهـ.
وَغُسْلُ الْمَيِّتِ شَرِيعَةٌ مَاضِيَةٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا قُبِضَ نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْمَلَائِكَةِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَغَسَّلُوهُ وَقَالُوا لِوَلَدِهِ هَذِهِ سُنَّةُ مَوْتَاكُمْ كَذَا فِي الْكَافِي (قَوْلُهُ: وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ الْغَلِيظَةَ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ مُطْلَقًا) هُوَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ فَيَسْتُرُ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى تَحْتِ رُكْبَتِهِ وَصَحَّحَهَا فِي النِّهَايَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَكَذَا صَحَّحَهَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ لِأَنَّ عَوْرَةَ الْمَرْأَةِ لِلْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ لِلرَّجُلِ وَتُغَسَّلُ الْعَوْرَةُ تَحْتَ السُّتْرَةِ وَيَدُهُ مَلْفُوفَةٌ بِخِرْقَةٍ (قَوْلُهُ: وَوُضِّئَ) أَقُولُ إلَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ الصَّلَاةَ فَيُغَسَّلُ بِلَا وُضُوءٍ (قَوْلُهُ: بِلَا مَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ إلَّا إذَا كَانَ جُنُبًا كَذَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْمَقْدِسِيِّ وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَلُفَّ الْغَاسِلُ عَلَى أُصْبُعِهِ خِرْقَةً يَمْسَحُ بِهَا أَسْنَانَهُ وَلَهَاتَهُ وَشَفَتَيْهِ وَمَنْخَرَيْهِ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ وَيَفْعَلُهُ ابْتِدَاءً وَلَا يَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ إلَى رُسْغَيْهِ وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ فِي الْمُخْتَارِ وَلَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَاخْتَلَفَا فِي إنْجَائِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُنَجِّيهِ مِثْلَ مَا كَانَ يَسْتَنْجِي فِي حَيَاتِهِ وَلَكِنْ يَلُفُّ خِرْقَةً عَلَى يَدِهِ فَيَغْسِلُ حَتَّى يُطَهِّرَ الْمَوْضِعَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُنَجَّى كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَحُرْضٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ يَجُوزُ فِي الرَّاءِ السُّكُونُ وَالضَّمُّ كَمَا فِي الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأُشْنَانُ) كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ الْحُرْضُ أُشْنَانٌ غَيْرُ مَطْحُونٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَخَالِصٌ) أَقُولُ وَيُفْعَلُ بِهِ هَذَا قَبْلَ التَّرْتِيبِ الْآتِي لِيَبْتَلَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَنِ
(قَوْلُهُ: وَيَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ غَسْلِ رَأْسِهِ بِالْخِطْمِيِّ إذَا كَانَ لَهُ شَعْرٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ
(قَوْلُهُ الْحُنُوطَ) هُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَشْيَاءَ طَيِّبَةٍ وَلَا بَأْسَ بِسَائِرِ الطِّيبِ إلَّا الزَّعْفَرَانَ وَالْوَرْسَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لَا الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ فِي الْغُسْلِ اسْتِعْمَالُ الْقُطْنِ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْقُطْنَ فِي مَنْخَرَيْهِ وَفَمِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي صِمَاخِهِ أَيْضًا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي دُبُرِهِ أَيْضًا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاسْتَقْبَحَهُ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا جَرَى الْمَاءُ إلَى قَوْلِهِ كَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ) أَقُولُ لَكِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ إذَا جَرَى الْمَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ أَصَابَهُ الْمَطَرُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِالْغُسْلِ وَجَرَيَانِ الْمَاءِ، وَإِصَابَةُ الْمَطَرِ لَيْسَ بِغُسْلٍ، الْغَرِيقُ يُغَسَّلُ ثَلَاثًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَاوِيَةٍ إنْ نَوَى الْغُسْلَ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْمَاءِ يُغَسَّلُ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ يُغَسَّلُ ثَلَاثًا وَعَنْهُ فِي رَاوِيَةٍ يُغَسَّلُ مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ.
وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِإِسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَنَّا لَا أَنَّهُ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الْمَيِّتِ وَلِذَا قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ سِيَاقِهِ كَلَامَ قَاضِي خَانْ كَانَ هَذِهِ قَدْ ذَكَرَ فِيهَا الْقَدْرَ الْوَاجِبَ وَقَالَ الْكَمَالُ قَبْلَ سِيَاقِهِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِلْغُسْلِ النِّيَّةُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِإِسْقَاطِ وُجُوبِهِ عَنْ الْمُكَلَّفِ الْغَاسِلِ لَا لِتَحْصِيلِ طَهَارَتِهِ هُوَ وَشَرْطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. اهـ.
قُلْتُ يُخَالِفُهُ مَا قَالَ قَاضِي خَانْ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مَيِّتٌ غَسَّلَهُ أَهْلُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْغُسْلِ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ اهـ فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْإِتْيَانُ بِالْغُسْلِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ نِيَّةٍ (تَتِمَّةٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُغَسِّلُ طَاهِرًا وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ غُسْلُ الْمَيِّتِ مَجَّانًا، وَإِنْ ابْتَغَى الْغَاسِلُ أَجْرًا، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا لَا، وَأَمَّا اسْتِئْجَارُ الْخَيَّاطِ لِخِيَاطَةِ الْكَفَنِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ وَأُجْرَةُ الْحَمَّالِينَ وَالدَّفَّانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ لِلْعَيْنِيِّ (قَوْلُهُ: وَسُنَّةُ الْكَفَنِ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ أَصْلُ التَّكْفِينِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَكَوْنُهُ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ مَسْنُونٌ