المبحث الثالث
عنايته بعلوم القرآن
المطلب الأول
الأحرف المقطعة
اختلف العلماء والمفسرون في تفسير الأحرف المقطعة التي صدّرت بها تسع وعشرون سورة من سور القرآن الكريم، على قولين رئيسين:
الأول: أن هذا علم مستور، وسر محجوب استأثر الله تعالى به، فهو من المتشابه.
الثاني: أن المراد منها معلوم، وذكرت فيها أوجها كثيرة تصل إلى عشرين وجها، منها المحتمل القريب، ومنها غير المحتمل البعيد، ومن هذه الأقوال:
1 - إنها أسماء للسور.
2 - إن كلا منها مأخوذ من اسم من أسماء الله تعالى، وكذلك اختلفوا في ذلك كثيرا.
3 - إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف الهجائية العربية التي ينطق بها العرب، ولم يأت بغيرها.
4 - إنها كالمهيجة لمن سمعها من الفصحاء، والموقظة للهمم الراقدة من البلغاء لطلب التساجل والأخذ في التفاصيل. (?)
ونجد أن المؤلف رحمه الله تعالى قد أكثر من ذكر الأقوال في تفسير هذه الأحرف، وكانت على الشكل الآتي:
1 - ففي مفتتح سورة البقرة وعند حديثه عن قوله تعالى: {الم،} يذكر أقوالا عدة في معناها ناقلا ذلك عن ابن عباس أكثر من قول، وعن غيره، بأنها مختصرات لكلمات محددة، سواء كانت أسماء لله تعالى أو صفات ونعم، وبعد انتهائه من ذكر هذه الأقوال، يقول: «وطريق الاختصار على حرف من الكلمة مشهور في لغة العرب»، ويستشهد ببيت من الشعر على ذلك. (?)
2 - ونجده يذكر قولا لابن عباس في تفسير قوله تعالى: {المص،} ولكنه هنا يذكر احتمالات يفسر فيها هذه الأحرف، فيقول: «ويحتمل أن تكون الصاد إشارة إلى الفصل، أي:
إلى هذا الفصل، فإن السور فصولا لا محالة. ويحتمل إشارة إلى الصدق، أي: أنا الله أعلم