بالمعصية من نبيّ الله، ثمّ اقترعوا الثّانية فخرج سهمه عليه السّلام، فقال: يا هؤلاء أنا والله العاصي، قال: فتلفّف في كسائه ثمّ قام على رأس السّفينة، قال: وإنّ السّمكة التي أمرت به أن تجعله في جوفها لتساير السّفينة من حيث ركب، فرمى يونس بنفسه فابتلعته السّمكة فصار في بطنها وهو يقول: {لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ} [الأنبياء:87]، فذلك قوله سبحانه وتعالى: {فَساهَمَ،} يقول: فقارع أهل السّفينة {فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصّافّات:141]، أي: من المقروعين الذين ليست لهم حجّة، وذهبت (?) به السّمكة إلى نيل مصر ثمّ إلى بحر فارس ثمّ دخلت به البطائح ثمّ دخلت به دجلة فصعدت به وكان يسدّ جنباه شاطئ دجلة حتى رمته بنصيبين بالعراء على ظهر الأرض بعد أربعين ليلة مكث في بطنها، وهو كهيئة الفرخ المنتوف ليس عليه شعر ولا لحم، فأنبت عليه شجرة من يقطين، قال: وسأل رجل ابن عبّاس: زعموا أنّ اليقطين هو القرع، قال: فقال ابن عبّاس رضي الله عنه: ما الذي جعل القرع أحقّ من البطّيخ وغيره كلّ شيء ينبت بسطا فهو يقطين، فكان يستظلّ في ظلّ ذلك اليقطين ويأكل من ثمرها حتى تشدّد (?)، فبينما هو كذلك إذ سلّط الله عليه الأرضة فأكلتها فخرّت من أصلها، فحزن يونس عليه السّلام لذلك حزنا شديدا، (157 و) فقال: يا ربّ كنت أستظلّ تحت هذه الشّجرة من الشّمس والرّيح وأمصّ من ثمرها وقد سقطت منّي (?)، فقيل له:

يا يونس أتحزن على شجرة أنبتت في ساعة واقتلعت في ساعة ولا تحزن على مئة ألف أو يزيدون لم تذهب إليهم وقد نزلت أيّام عافيتهم؟ فتوجّه يونس عليه السّلام نحوهم حتى دخل أرضهم ومنهم غير بعيد، فأتى بني إسرائيل فقال: إنّي بعثت إليكم، قالوا: إنّك لمصدّق عندنا ولكنّا عبيد أسارى فائت أمراءنا فاذكر لهم ذلك (?) فإن خلّونا خرجنا معك، فأتى يونس عليه السّلام ملوكهم وأشرافهم وقال: إنّ الله أرسلني إليكم لتبعثوا معي بني إسرائيل، قالوا:

ما نعرف ما تقول ولو علمنا أنّك صادق لفعلنا ولكنّا أتيناكم في دياركم وقراركم فسبيناكم فلو كان كما تقول لمنعكم (?) الله، فطاف فيهم ثلاثة أيّام يدعوهم إلى ذلك، فأبوا عليه (?)، فأوحى [الله] (?) إليه أن قل لهم: إن لم تؤمنوا من ليلتكم هذه صبّحكم العذاب، فأبلغهم ذلك فأبوا، فتزوّد زادا وخرج من عندهم، فلمّا فقدوه ندموا على صنيعهم وقالوا: أيّ شيء صنعنا؟ ثمّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015