يا أيّها النّاس إنّ الزّمان قد استدار كهيئته يوم خلق السّموات والأرض فلا شهر ينسئ ولا عدّة تخطئ وإنّ الحجّ في ذي الحجّة (?).
وعن مجاهد وغيره قال: كانوا يحجّون في كلّ شهر عامين فإذا مضت الثلاث عشرة (?) سنة استقبلوا العدّة، وكانت حجّة (?) أبي بكر سنة تسع في ذي القعدة، وكذلك كانوا قد حجّوا في ثمان، ثمّ استقبل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذا الحجّة فذلك قوله: (إنّ الزّمان قد استدار كهيئته يوم خلق السّموات والأرض) (?).
38 - {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ:} نزلت في شأن غزوة تبوك، استنفرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حالة العسرة والجدب، والزّمان زمان قيظ، والشقة (?) بعيدة، والعدو الرّوم، فتثاقل المؤمنون، وتكاسل المنافقون، وتخوّفوا مثل يوم مؤتة الذي قتل فيه زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في خلاصة المؤمنين واثقا بالله متوكّلا عليه حتى انتهى إلى تبوك فلم يجد من يقابله، وخرج إليه رئيس البلد مستسلما والتزم الجزية، وكذلك التزم الجزية أهل جرباء (?) وأدرح، وأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد إلى دومة الجندل (?) فصادف صاحبها متصيّدا مع نفر يسير، وهو أكيدر بن عبد الملك الكنديّ، من أبناء الملوك، فأخذه وجاء به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمنّ عليه وأطلقه بعد أن التزم الجزية. ثمّ رجع (?) رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على رغم المنافقين إلى المدينة سالما غانما مظفّرا بفضل من الله ورحمته.
{مِنَ الْآخِرَةِ:} أي: بدلا منها وعوضا (?).
{فِي الْآخِرَةِ:} في قياس الآخرة ومقابلتها (?).
وكان صلّى الله عليه وسلّم قد استخلف على المدينة في هذه الغزوة عليّ بن أبي طالب. عن مصعب بن سعد عن أبيه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد خلف عليّا (?) في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله أتخلفني في النّساء