{بِبَدَنِكَ} بجسدك، فقيل: الآية استفهام على سبيل الإنكار تقديرها {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} فتكون قدوة وحجة، لمن خلقك {لِمَنْ خَلْفَكَ} وقيل: إنها على سبيل الخبر ومعناها: اليوم نلقي بدنك بعد إزهاق الروح على فجوة من الأرض لتكون عبرة ونكالًا لمن خلفك (?).
{مُبَوَّأَ صِدْقٍ} ما أورثهم من ديار آل فرعون، وقيل: المراد به التيه حيث ظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى، وقيل: ديار العمالقة حيث افتتحها يوشع -عليه السلام- أو البيت المقدس حين ابتناه داود وسليمان -عليهما السلام-.
{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ} خطاب للنبى -عليه السلام- والمراد به أمته كقوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65]، وقيل: هذا شرط لم يوجد والمراد به التأكيد، كقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} [الزخرف: 81] (?) الآية، وقيل: لم يشك ولم يسأل كقوله: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا} [الرحمن: 33]، وقيل: معناه: إن كنت في شك مما أنزلنا إليك هل هو موجب لك أمن العاقبة والختم على السعادة فأسأل الأنبياء إذا لقيتهم ليلة المعراج كقوله: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9] الآية، وإن كانت الآية مكية فتكون (مما) بمعنى ممن (?) أنزل وهو جبريل -عليه السلام- (?) في الصورة التي ظهر فيها لرسول الله في ابتداء الوحي حتى سألت خديجة له ورقة بن نوفل، وقيل: لما جرى على لسانه في سورة "النجم" أنه شيء ابتلي به وحده وخاف مثله في المستقبل فأخبر الله في سورة "الحج" أنه ما أرسل من قبله {مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج:52] الآية.