وفي الآية دلالة أن النذر فيما قبل المُلك يصح بالإضافة، وأن النذر بالقرب يُلزم الإنسان ويجب الوفاء به، إما بإتيان الملفوظ به بعينه وإما إتيان المعبر عنه بالألفاظ المعدولة عن ظاهرها مثل قوله: عليَّ أن أذبح ولدي أو علي أن أصرف بثوبي حطيم الكعبة أو ثوبي في رياح الكعبة، أو قال الشيخ الكبير: لله عليَّ أن أصوم أو لله عليَّ أن أتصدق بمالي، ولا نذر في المباح والمعصية وكفارته كفارة يمين، وقوله: عليَّ عهد الله، وبريت من عهد الله يمين.

في الآية دلالة أن دفع صدقة الأموال الظاهرة إلى الإمام ولولا اشتهار ذلك بين الصحابة لكان ثعلبة يدفعها إلى الفقراء ويريح نفسه من مذلة الردّ، وفيه دلالة أنه كان يعرض على النبي -عليه السلام- (?) والخلفاء من بعده رياء وسمعة وقصدًا لإزالة العار لا لوجه الله تعالى؛ لأنَّ النفاق الكائن في القلب يضاد ابتغاء مرضاة الله.

{سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} قول ثعلبة: هذه أخيّة الجزية.

{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} قيل: إن عبد الرحمن بن عوف كان عنده ثمانية آلاف دينار فأمسك أربعة آلاف فجاء إلى (?) رسول الله بأربعة آلاف وقال: أقرضتها ربي عزوجل وأمسكت مثلها لنفسي وعيالي، فقال -عليه السلام-: "بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت"، وكان عند أبي عقيل الأنصاري صاعان من تمر فجاء إلى رسول الله (?) بصاع وأمسك لنفسه صاعًا، فقال المنافقون: أما عبد الرحمن فأنفق على وجه الرياء، وأما عقيل فأنفق طمعًا في الزيادة والله غني عن صدقته، فأنزل (?)، {إِلَّا جُهْدَهُمْ} إلا مقدار وسعهم وطاقتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015