وقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56] ليس بمناقض لهذه الآية لأن العبادة ليست بمضادة لجهنم ولاحتماله أوجهًا سبعة؛ أحدها: التسخير لقوله: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرعد: 15] الآية، والثاني: إظهار الخضوع لا القيام بالأوامر، والثالث: العبودية وهي الكينونة لا العبادة، والرابع: حالة الطفولة قد خلقوا على الفطرة، والخامس: الاقتضاء والاستحقاق كقول الوالدة لولدها: ما ولدتك إلا لتكبر فتحسن إلى، والسادس: العموم بمعنى الخصوص فيصرف إلى السعادة، والسابع: كون اللام في قوله {لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] لام العاقبة والمآل وذلك عند معاينة البأس فلو كان يحتمل وجهًا واحدًا لا يصح دعوى التناقض كيف وقد احتمل الأوجه.
{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} اتصالها بما قبلها من حيث ذكر الكفار وهم ملحدون {الْأَسْمَاءُ} التسميات التي تكلم الله بها و {الْحُسْنَى} تأنيث الأحسن {الَّذِينَ (?) يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} الذين اشتقوا لأصنامهم أسماء من أسماء الله -عَزَّ وَجَلَّ- كاللات من الله والعزى من العزيز، والذين أنكروا إطلاق تسميتين على مسمى واحد فقالوا: {وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} [الفرقان: 60] ويدخل في جملة هؤلاء الذين قالوا أسماء الله مخلوقة والذين أطلقوا على الله اسم الجسم والذين فرقوا بين الأسماء المشتقة من صفات الذات وبين الأسماء المشتقة من صفات الفعل {أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ} [الأعراف: 159] هم أهل السنة والجماعة، وتفسير السنة أن يسلكوا طريق السلف في كراهة الكلام والجدال في الدين والتعسف في تأويل متشابهات كلام رب العالمين وحديث رسوله خاتم النبيين بأن يجتهدوا في الفروع بالبحث عن الناسخ والمنسوخ والظاهر القريب والخفي البعيد وأن يميزوا الصحيح من السقيم والمتواتر من الآحاد والمتعارف المعتاد بين الناس وبين النادر والشاذّ وأن يتحروا الأشبه فالأشبه ويجتنبوا إهمال الحوادث كما يجتنبوا مخالفة الأصول الشرعية. وتفسير الجماعة الالتجاء إلى الكلمة السواء عند اقتتال