قومه حيث قالوا: أرنا الله جهرة وهذه أفسد؛ لأنه قال: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} ولم يقل أرنا ننظر ولا أرهم ينظرون وإنما قال {تُبْتُ إِلَيْكَ} ولما ابتلي بالصعق.

وقال بعضهم: سأل رؤية الآيات وهذا باطل لمخالفته ظاهر الآيات وفحواها، ومشاهدته الآيات، والقول الصحيح أن موسى -عليه السلام- كان عارفًا به متيقنًا بأنه جل جلاله يُرى ولكن خفي عليه أمر نفسه أنها لا تحتمل معاينة صانعها في التركيب الدنيوي فاستزلته سكرة الاشتياق عن محافظة آداب (?) العبودية حتى جاوز (?) حد تقليب الوجه والتعريض إلى النطق والتصريح فابتلي بـ {لَنْ تَرَانِي} وشغل بالنظر إلى الجبل على شريطة أن التركيب الدنيوي من الجبل إن احتمل المعاينة احتملها موسى -عليه السلام- (?) وأنى للجبل ذلك، ثم رفع عن الجبل شيء من حجاب الآنية المتكونة فأشرق بنور الآنية المتكونة وتلاشى لجلالة بمرأى من موسى -عليه السلام- وهو المقصود فصار الروح من موسى مختطفًا مغلوبًا كالسراج في الشمس.

{وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ} بإذن الله سبح لله، وتاب إليه عن سؤال ما لا ينال بالسؤال وكان أول المؤمنين يتقطع الجبال لتجلي ذي الجلال، يروى أن الجبل تقطع قطعًا فصارت قطعة منهن هباء منثورًا وطارت أربع قطع في الهواء فوضعن بمكة، وطارت أربع فوقعن بالمدينة، وروي أن المياه كلها عذبت تلك الساعة وظهرت المعادن والكنوز وزال الشوك عن الشجر وخمدت النيران وسقطت الأصنام، ويروى أن ملائكة السماء نزلوا من السماء بإذن الله تعالى وكانوا يقولون له: أطلبت رؤية ربّ العزة يا ابن النساء الحيّض؟! وأرسل الله على الجبل الضباب والصواعق والظلمات فأرعدت فرائص موسى وهم يقولون: اصبر لما سألت (?) فإنما رأيت قليلًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015