{يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)} [طه:14 - 16] وشاهد من عصاه ويمينه ما شاهد وأرسله إلى فرعون وغفرت له خطيئته في قتل القبطي الكافر قبل إباحته، وألهم وأمر أن يستشفع في الرسالة فاستشفع وأجيب إلى ذلك وشفع بهارون -عليه السلام- (?) وهارون بمصر، فرد موسى أهله إلى شعيب وتجرّد للرسالة متوكلًا على الله مطمئنًا على وعده {أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} [القصص: 35] فلما انتهى إلى مصر وجد أباه قد توفي ووجد أمه في الأحياء وكذلك أخاه وأخته، فنزل كهيئة الضيف فقدموا إليه طبيخًا من خلّ وعدس بلحم ثم تفرس فيه هارون على المائدة فعرفه وتباشروا به، وبشر موسى أخاه بالرسالة فقال: سمعًا وطاعة، وأصبحا على باب فرعون من ساعتهما فأذن لهما بالدخول، وقيل: بقيا على بابه سنتين حتى انتهى أمرهما إليه واستحضرهما وكان من قصتهما معه ما سنذكره.
{بِآيَاتِنَا} اليد والعصا وانحلال اللسان وغير ذلك، وكانت العقدة وقعت في لسانه من جهة وإنما أخذ بلحية فرعون وهو رضيع فهمّ فرعون بقتله متخوفًا أنه عدوه الذي سيهلكه، فتشفعت امرأته وقالت: طفل لا يميز فامتحنه فرعون بطبقين طبق من ياقوت وطبق من جمرة (?) فكاد موسى يلتقط ياقوتة لما جبله الله عليه من حسن الاختيار، ولو فعل ذلك لعلم فرعون علمه، فلبس الله الأمر على فرعون فقرب يد موسى إلى جمرة والتقطها ووضعها في فيه على عادة الصبيان فانزوى طرف لسانه إلى أن أحلَّه الله إكرامًا له وآية على صدق دعواه {فَظَلَمُوا بِهَا} أي كفروا وكذبوا وذهبوا بها غير المذهب فقالوا: هي سحر.
{حَقِيقٌ} واجب، وقيل: جريء {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي خلّ سبيلهم وأمسك عن قتلهم واستعبادهم.
{قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ} إنما قال هذا إنكارًا للدعوة {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} ولم يرد بهذا السؤال استرشادًا واستبانة.