{لَتَعُودُنَّ} يحتمل ثلاثة معان:

أحدها: أن شعيبًا وقومه كانوا على ملة واحدة من الإيمان والتوحيد، فلما أبدعوا بدعًا نبأ الله شعيبًا وأحدث له ما شاء من أمره، وأمره بدعوة قومه كما أمر عيسى بدعوة اليهود، فلذلك دعوا شعيبًا إلى العود.

والثاني: أن ملتهم كانت كفرًا ولم يكن شعيب في ملتهم قط ولكن أدخلوه في حكم سائر المخاطبين من قومه المؤمنين على سبيل المجاز.

والثالث: أنهم ادعوا الكفر عليه وموافقته إياهم من قبل ظنًا منهم أو وقاحة وبهتانًا كما قالت قريش صبأ محمد أي: كان على ديننا. فقال شعيب -عليه السلام-: أتكلفوننا العود {أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} ينبئهم على أن العودة لا تصح مع الإكراه.

{بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا} يحتمل ثلاثة معانٍ:

أحدها: أن الإيمان والتوحيد كان ملتهم ولكن الله تعالى نسخ الأمر بالتخفيف فقال شعيب: لو عدت إلى الأمر بعد ما عما الله لكنت مفتريًا على الله.

والثاني: أجاب عن قومه المؤمنين وأدخل نفسه فيهم على المجاز.

والثالث: عني نجاة قبل الابتلاء كقوله: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103] {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} [مريم: 72] وذلك قبل أن تمسهم النار {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أي: حالة نسخ الشرائع أو حالة التقية في الأصل {بِالْحَقِّ} أي بحكمك الحق حذف الاسم وأقيم الصلة مقامه.

{وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} لمؤمنيهم قيل: أهلك الله أصحاب مدين بالرجفة وأصحاب الأيكة بالظلمة، وقيل: البلدة واحدة، جمع الله عليهم بين حرارة الظلمة وبين الرجفة كما جمع على ثمود بين الرجفة والصيحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015