اتصال قوله {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}] (?) بما قبله من حيث مقابلة اليهود بتنزيل الكتاب المكنون نقول: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا} إلى هؤلاء وإنما ابتدأ بنوح لأنه يعرفه الكل بالأخبار المتواترة، وهو المسمى آدمٍ الأصغر، ولا يعرف من قبله الأنبياء، وعطف إبراهيم على الأنبياء تشريفًا له كما قال: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأحزاب: 7] ويحتمل النبيين هم الذين كانوا بين نوح وإبراهيم، وقدم عيسى على أيوب ويونس تشريفًا له لكونه من جملة أولي العزم، والواو لا توجب الترتيب. وأيوب -عليه السلام- هو أيوب بن موص بن زَعّوِيل؛ عن وهب، وكان أبوه ممن آمن بإبراهيم وهاجر معه، وأمه بثينة بنت لوط -عليه السلام- وتحته ليَّا بنت يعقوب وهي التي ضربها بالضغث، وكان أيامه أيام الأسباط. وبعدهم يونس -عليه السلام- وهو يونس بن متّى أحد عباد بني إسرائيل وزهادهم بعثه الله بعد إلياس واليسع إلى أهل نينوى، وهو ذو النون، وإنما قدمه على هارون وداود وسليمان لأن الواو لا توجب الترتيب {وَهَارُونَ} هو هارون بن عمران أخو موسى أكبر منه بسنة أشركه الله في أمر موسى وأرسله إلى آل (?) فرعون، وإنما قال: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} لينوّه بذكره تعويضًا عن تقديمه أو ليعلم أنه أتى بالزبور ولم يأت به مكتوبًا من السماء.
{وَرُسُلًا} نصب عطف على داود أي: أعطيناهم زبرًا أو لوقوعٍ القصص عنيه، وإنما قال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} لينوه بذكره تعويضًا عن تقديمه أو ليعلم أنه أتى بالتوراة ولمٍ يأت به مكتوبًا عامة للحجة بما أتى من الكلام المعجز هان لم يكن مكتوبًا من السماء، وأكد بالمصدر ليعلم أن الله كلمه حقيقة وخاطبه خطابًا وليحسم توهم المجاز، ونحو قولك: مال برأسه، وقال بيده، والتكلم صفة لله تعالى حقيقة من غير كيفية.
{رُسُلًا} أي: أرسلنا رسلًا.