فالله أولى بكل واحد من الغني والفقير وهو يأمركم بالشهادة عليهما، أي: لا يحملنكم موالاتكم إياهما عن كتمان الشهادة؛ فإن من هو أولى منكم بما يأمركم بأدائها ويحتمل أن الكناية راجعة إلى المشهود عليه والمشهود له وتقديره فالله أولى به وبخصمه {أَنْ تَعْدِلُوا} لتعدلوا (?) وتقسطوا عند الزجاج والفراء (?)، وقال ابن جرير: هذا من العدول فيكون ترجمة لاتباع الهوى.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} أي: آمنوا ببعض آمنوا بالكل لما تتلوه، وقيل: آمنوا بالنعت آمنوا بالمنعوت كقوله {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89] وقيل: آمنوا وجه النهار وآمنوا آخره لقوله:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} به (?) وقيل: آمنوا بألسنتكم آمنوا بقلوبكم لقوله: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ} [النساء: 140] وقيل: آمنوا فيما مضى وفي الحال وذاقوا على الإيمان في المستقبل لقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)} [الفاتحة: 6] وقيل: آمنوا بألسنتهم أخلصوا بعقائدهم تحققوا في الإيمان بدوام مراقبتكم وتهذيب خواطركم لقوله -عليه السلام- لحارثة: "كيف أصبحت؟ " قال: أصبحت مؤمنًا حقًا ... (?) الخبر.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} عن قتادة: أنها نزلت في أهل الكتاب (?)، وعن الحسن: في الذين آمنوا وجه النهار وكفروا آخره (?)، وعن مجاهد وابن زيد: نزلت في المنافقين (?)، وهذا أصح لأنهم تردّدوا في أمرهم وأصرّوا